للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كانت بعضُ الصالحات تقول: أليس عجبًا أنْ أكون حية بين أظهركم، وفي قلبي من الاشتياق إِلَى ربي مثل شعل النار التي لا تطفأ.

أموت اشتياقًا ثم أحيا بذكركم ... وبين التراقي والضلوع لهيب

فوا عجبا موت المشوق صبابة ... ولكن بقاه فى الحياة عجيب

هذه أحوالٌ لا يعرفها إلاَّ من ذاقها.

لا يعرف الوجدَ إلاَّ من يُكابده ... ولا الصبابة إلاَّ من يُعانيها

فأمَّا من ليس عنده منها خبر، فربما لام أهلَها.

يا عاذل المشُتاق دعه فإنّه ... لديه من الزفرات غير حشاكا

لو كان قلبك قلبه ما لمته ... حاشاك مما عنده حاشاكا

قولُه -صلى الله عليه وسلم-: "أَعُوذُ بِكَ اللهُمَّ أَنْ أَظْلِمَ، أَوْ أُظْلَمَ أَوْ أَعْتَدِيَ أَوْ يُعْتَدَى عَلَيَّ، أَوْ أَكْسِبَ خَطِيئَةً مُحْبِطَةً أَوْ ذَنْبًا لَا تَغْفِرُه".

استعاذ من أربعة أشياء: أحدها: الظلم من الطرفين، وهو أنْ يظلم غيره أو يظمه غيره.

وخرَّج أبو داود (١) من حديث أم سلمة، قالت: "مَا خَرَجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْتِي قَطُّ إِلَّا رَفَعَ طَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَضِلَّ أَوْ أُضَلَّ، أَوْ أَزِلَّ أَوْ أُزَلَّ أَوْ أَظْلِمَ أَوْ أُظْلَمَ، أَوْ أَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيَّ".

وخرَّجه الترمذي (٢) وصححه، ولفظُه: "اللَّهُمَّ إِنَّا نَعُوذُ بِكَ أَنْ نَزِلَّ أَوْ نُزَلَّ أَوْ نَظْلِمَ أَوْ نُظْلَمَ، أَوْ نَجْهَلَ أَوْ يُجْهَلَ عَلَيْنَا".

فمن سلم من ظُلم غيره، وسلم الناسُ من ظلمه: فقد عُوفي وعوفي الناسُ منه. وكان بعض السلف يدعو: اللهم سلِّمني وسلِّم مني.


(١) برقم (٥٠٩٤).
(٢) برقم (٣٤٢٧).