للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والثاني: العُدوان. وفرَّق اللَّه بين الظلم والعُدوان، في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} إِلَى قوله: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا} (١) الآية.

وقد يُفرَّق بين الظلم والعُدوان، بأنَّ الظلم: ما كان بغير حق بالكلية، كأخذ مالٍ بغير استحقاق شىء منه، وقتل نفس لا يحل قتلها.

وأمَّا العُدوان: فهو مُجاوزة الحدود وتعديها فيما أصلُه مباح، مثل أنْ يكون له عند أحدٍ حقٌّ من مال أو دم أو عرض، فيستوفي أكثر منه. فهذا هو العُدوان، وهو تجاوز ما يجوز أخذه فيأخذ ماله أخذه وما لي له أخذه، وهو من أنواع الربا المحرَّمة.

وقد ورد السَّبَّتَان بالسَّبة ربا.

والظلم المُطلق: أخذُ ما ليس له أخذه، وأخذ شيءٍ منه من مال أو عرض أو دم. كلاهما في الحقيقة ظلم.

وفي "الصحيح" (٢) عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "يقول اللَّه عز وجل: يا عبادي، إنِّي حرمت الظلمَ عَلَى نفسي وجعلته بينكم محرمًا؛ فلا تظالموا".

وفي "الصحيحين" (٣) عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: "الظلم ظلمات يوم القيامة".

وفيهما (٤) عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: " «إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ»

وتلا قوله تعالى: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} (٥) الآية.

وفي البخاري (٦) عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لِأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلاَ دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لِأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ».


(١) النساء: ٢٩ - ٣٠.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٧٧) من حديث أبي ذر.
(٣) أخرجه البخاري (٢٤٤٧)، ومسلم (٢٥٧٩) من حديث ابن عمر.
(٤) أخرجه البخارى (٤٦٨٦)، ومسلم (٢٥٨٣) من حديث أبي موسى.
(٥) هود: ١٠٢.
(٦) أخرجه البخاري (٢٤٤٩) من حديث أبي هريرة.