للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي "صحيح مسلم" (١) عنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «أَتَدْرُونَ مَنِ الْمُفْلِسُ»؟ قَالُوا: المُفْلِسُ مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ، قَالَ: «إِنَّ المُفْلِسُ مِنْ أُمَّتِي يَأْتِي يَوْمَ القِيَامَةِ بِصَلَاتِهِ وَصِيَامِهِ وَزَكَاتِهِ، وَقَدْ شَتَمَ هَذَا، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيَقْضِي هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِذَا فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يَُقْضِي مَا عَلَيْهِ، أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِهِمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ».

وفي الحديث (٢): " «لَتُؤَدُّنَّ الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ، حَتَّى تَتَقاضَى الشَّاة الْجَماء (٣) مِنَ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» ".

وفي حديث عبد الله بن أنيس: (وليَسْأَلَنَّ الحجر لم نكت الحجر، وليسألن العود لم خدش صاحبه".

فخِف القضاء غدًا إذا وافيت ما ... كسبت يداك اليوم بالقسطاس

في موقف ما فيه إلاَّ شاخص ... أو مهطع (٤) أو مقنع بالراس

أعضاؤهم هي الشهودُ وسجنهم ... نارٌ وحاكمهم شديد الباس

إِنْ تمطل اليوم الحقوقَ مع الغنى ... فغدًا تؤديها مع الإفلاس

والظلمُ المحرَّم تارة يكون في النفوس، وأشده في الدماء. وتارة في الأموال، وتارة في الأعراض، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم - في خُطبته في حجة الوداع: "إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا" (٥) وفي رواية: ثم قال: "اسْمَعُوا مِنِّي تَعِيشُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، أَلَا لَا تَظْلِمُوا، إِنَّهُ لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ إِلَّا بِطِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ" (٦).


(١) أخرجه مسلم (٢٥٨١) من حديث أبي هريرة.
(٢) أخرجه مسلم (٢٥٨٢) من حديث أبي هريرة.
(٣) الجماء: التي لا قرن لها. "النهاية" (١/ ٣٠٠).
(٤) مهطع: أقبل عَلَى الشيء ببصره فلم يرفعه وقيل: الَّذِي ينظر في ذل وخشوع. "اللسان" مادة: (مطع).
(٥) أخرجه البخاري (٦٧)، ومسلم (١٦٧٩) من حديث أبي بكرة.
(٦) أخرجه الدارقطني فى "السنن" (٣/ ٢٦) والبيهقي في "السنن الكبرى" (٦/ ١٠٠)، (٨/ ١٨٢) من حديث أنس.