للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ليث عن مجاهد: من ذلك خفض الجناح وغض البصر، وكان المسلمون إذا قام أحدهم إِلَى الصلاة خاف ربه أن يلتفت عن يمينه أو شماله.

وقال عطاء الخراساني: الخشوع خشوع القلب والطرف.

وقال الزهري: هو سكون العبد في صلاته.

وعن قتادة قال: الخشوع في القلب هو الخوف وغض البصر في الصلاة.

وقال ابن أبي نجيح عن مجاهد رحمه الله تعالى في قوله تعالى: {وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (١) قال: متواضعين وقد وصف الله تعالى في كتابه الأرض بالخشوع فَقَالَ: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ} (٢)، فاهتزازها وربوها -وهو ارتفاعها- مزيل لخشوعها، فدل عَلَى أن الخشوع الَّذِي كانت عليه هو سكونها وانخفاضها، (فكذلك) (*) القلب (إِن) (**) خشع فإنه تسكن خواطره وإراداته الرديئة، التي تنشأ (من) ( ... ) اتباع الهوى وينكسر ويخضع لله عز وجل. فيزول بذلك ما كان فيه من النأو (٣) والتزفع والتكبر والتعاظم، ومتى سكن ذلك في القلب خشعت الأعضاء والجوارح والحركات كلها حتى الصوت، وقد وصف الله تعالى الأصوات بالخشوع في قوله: {وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلاً تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا} (٤)، وخشوع الأصوات هو سكونها وانخفاضها بعد ارتفاعها.

وكذلك وصف وجوه الكفار وأبصارهم في يوم القيامة بالخشوع، فدل ذلك عَلَى فى دخول الخشوع في هذه الأعضاء كلها، ومتى تكلف الإنسان تعاطي الخشوع في جوارحه وأطرافه -مع فراغ قلبه من الخشوع وخلوه منه- كان ذلك خشوع نفاق، وهو الَّذِي كان السلف يستعيذون منه كما قال بعضهم:


(١) الأنبياء: ٩٠.
(٢) فصلت: ٣٩.
(*) وكذا: "نسخة".
(**) إذا: "نسخة".
( ... ) عن: "نسخة".
(٣) النأو، لغة في: "النأي"، وهو البعد.
(٤) طه: ١٠٨.