شاهدان، وإن لم يقرأ عليهم، كما هو مذهب مالك والزهري، وقول أبي يوسف، وأبي عبيد، ومحمد بن نصر المروزي، واختيار السرخسي من الشافعية.
وكانت سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة خلفائه الراشدين، وسنة قضاة الإسلام بالحجاز والعراق قبول الكتاب، وإن لم يشهد عَلَى ما فيه.
وأول من طلب الشهود عَلَى الكتاب بعض القضاة في أوائل الدولة العباسية، كسوار بالبصرة، وابن أبي ليلى بالكوفة، وقد ذكر ذلك البخاري في "صحيحه" وغيره من العُلَمَاء؛ بل كانوا يقبلون الكتاب مع واحد ثقة إذا عرف الخط أيضًا.
وهذه الأقوال في مذهب مالك، وقد صرح أصحاب أحمد أن من قوله قبول الكتاب بمجرد معرفة الخط والختم، وهو قول محمد بن نصر وغيره من فقهاء أهل الحديث.
وأما الثاني: وحو جواز الرواية والشهادة بذلك، فها هنا ثلاثة أشياء: عرض، ومناولة، وشهادة.
فأما العرض: فَإِذَا قرئ عَلَى العالم فأقر به جاز أن يرويه عنه، وإن لم يأذن له في روايته عند الجمهور، وليس في ذلك إلا خلاف شاذ ولا يكاد يثبت، وإن لم يقر به بل سكت فهل له أن يرويه عنه؟ فيه قولان.
والجمهور عَلَى جواز روايته عنه، ويكون سكوته كإقراره.
وتنازعوا: هل يجوز له في روايته عنه أن يقول: حدثني، وأخبرني، أو لا يجوز ذلك؟
يقول: قرأت عَلَى فلان فلم ينكر عليَّ. قوله هذا حكاية عن الإمام أحمد.
وكذلك تنازعوا فيما إذا عرض عَلَى الشيخ فأقر له به، هل يقول في الرواية عنه: ثنا، وأخبرنا، أو لا يقول ذلك، بل يقول: قرأت عَلَى فلان فأقر به، أو يقول: أخبرنا، ولا يقول: حدثنا؟ عَلَى ثلاثة أقوال: