للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكلام الإمام أحمد في ذلك مختلف، وطرق أصحابه مختلفة في حكاية الروايات عنه في ذلك.

وأما المناولة: إذا ناوله شيئًا معينًا يعلمه، وقال له: اروه عني، فالجمهور عَلَى جواز ووايه عنه.

وتنازعوا: هل يقول في الرواية بالمناولة: حدثنا، وأخبرنا، أو لا يجوز ذلك؟

بل يقول: قال فلان أو عن فلان، أو أعطانى فلان، أو ناولني ونحو ذلك، عَلَى قولين:

وقد قيل بجواز أن تقول: أخبرني، ولا يجوز أن تقول: حدثني، وهو ظاهر كلام أحمد.

وإن ناوله شيئًا، وقال: هو سماعي، ولم يأذن له في روايته عنه، ففي جواز روايته عنه قولان.

وأما الشهادة عَلَى الخط: فإن قرأه عليه وأقر به، فلا ريب في صحة الشهادة به.

وأما إِن لم يقرأه عليه، ولم يعلم ما فيه، فهل يجوز له أن يشهد به إذا أمره بذلك؟ كمن كتب كتابًا وختمه، وقال لرجل: اشهد بماء فيه، عَلَى قولين:

وكثير من الفقهاء يمنعون تحمل صحة هذه الشهادة، وهو منصوص الإمام أحمد في رواية إسحاق بن منصور، وذهب طائفة إِلَى صحة تحملها كالزهري وأبي يوسف وأبي عبيد، وهو قول أبي بكر الرازي وغيره.

وقد خرّج طائفة من أصحاب أحمد صحة هذه الشهادة من نصه، عَلَى جواز العمل بها، وليس ذلك بلازم، فإن جواز العمل بها يقتضي صحة الحكم بالخط المعروف، ولا يلزم من ذلك تحمل الشهادة عليه بما لم يسمعه منه، ألا ترى أنه إذا وجد حدثنا بخط من يعرفه، جاز له أن يعتمد عليه في العمل وتصحيحه، وليس له أن يروي عنه؛ لأنّه لم يتحمله عنه، ولم يسمعه منه، ولهذا منع طائفة من العُلَمَاء من الرواية بالمناولة، وجوزوا العمل