يتصرف فيه تصرفًا مراعًى بظهور صاحبه؛ فإن لم يظهر استمر التصرف في المالين عَلَى ما كان عليه من الصحة، وإن ظهر صاحبه؛ فإن كان عين المال موجودًا وجب رده عَلَى صاحبه، وإن كان مستهلكًا فهل يضمن له أم لا؟ عَلَى قولين مشهورين، وقد حكاهما الأصحاب روايتين عن أحمد في مال المفقود، وإن كان المنصوص عنه في أكثر الروايات عدم الضمان.
وكذلك عنه في اللقطة روايتان أيضاً حكاهما ابن أبي موسى، ومن هنا حكم الصحابة -رضي الله عنهم- بأن أم ولد المفقود إذا جاء وقد تزوجت فإنهم خيروه بينها وبين الصداق الَّذِي دفعه إليها؛ لأنّ الزوجة ليست ملكًا له، وإنما كان يملك الانتفاع ببعضها، وفي مقابلة ذلك بذل لها الصداق، فلذلك خير بين المال الَّذِي لزمه مقابلة البضع وبين عوضه وهو البضع، وحينئذ فلا فرق بين قسمة ماله بين ورثته وبين عتق أمهات أولاده، وليس هذا من قبيل الحكم بالعتق مع الشك في شروطه، وإنما هو من قبيل التصرف في مال من أيس من وجوده لفقده، وأيضًا فما ذكر من الفرق غير صحيح عَلَى مقتضى سواعد مذهب أحمد؛ فإن {العتق}(١) عنده يحكم به مع الشك في عين من وقع عليه، كما يحكم إخراج المعتقة المسببة عنده بالقرعة، ويكون ذلك مراعاة بدوام النسيان عَلَى أحد الوجهين؛ بل وفي الطلاق أيضاً كذلك عَلَى الصحيح المنصوص عنه وعليه أكثر الأصحاب؛ فإن قيل فأحمد يحتاط للأبضاع ويفرق بينها وبين المال، ولهذا قال فيمن مات بأرض غربة ولا وارث له: إنه يجوز لمن معه أن يجمع ماله ويبيعه إلا الجواري؛ فإنه لا يبيعهن إلا الحاكم، وعلل بأن البضع يحتاط له، فلا يجوز أن يباع إلا بإذن الملك أو الحاكم، وكذلك فرق بين بيع المدبرة والمدبر في رواية عنه لهذا المعنى، وهذا يقتضي أن يفرق هاهنا بين مال المفقود وأمهات أولاده وهذا التفريق لم يقل به أحد في مال