للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المفقود، وذلك أنه سوى بين حكم ماله وزوجاته عَلَى ما سبق، وبضع الزوجة آكد حرمة من بضع الأمة، وأيضًا فإنه لم يفرق في مال المفقود بين الإماء وغيرهن، ولا أحد من {الصحابة} (١)، فلو كان في ماله أمة جاز بيعها وقسمة ثمنها، وجاز لبعض الورثة أن يأخذها من نصيبه برضاء الباقين، ولو كان الوارث واحدًا واختص بها {جاز} (٢) له وطؤها.

فعلم أن أحمد لم يراع هذا الفرق في مال الفقود بالكلية، وحينئذ فتجب التسوية بين أمهات أولاده وسائر رقيقه وأمواله في حكم القسمة، إلا أن قسمة أم الولد بين الورثة والغرماء والوصايا متعذر، وإنما قسمتها إرسالها وتمكينها عَلَى حكم العتق لها ظاهرًا.

ومما يدل عَلَى هذا أن أحمد يرى أن المفقود إذا مضت هذه المدة في انتظاره بحكم له بأحكام الموتى مطلقًا، وأنه نص عَلَى أن نفقة زوجته تسقط من ماله بعد مدة انتظاره، ولو حبست نفسها عليه بعد ذلك منتظرة له.

قال في رواية الأثرم: مال المفقود إذا أمرت به امرأته أن تزوج قسمت ماله بين ورثته، قال: فقلت له: ففي هذه الأريع سنين والأربعة أشهر أليس ينفق عليها من ماله؟ قال لي: فبد لها من نفقة، قلت: فإن أحبت أن تقيم عليه بعد الأربع سنين والأربعة أشهر أليس لها ذاك؟ فمن أين ينفق عليها بعد؟ قال: أنا أرى إذا مضى هذا الأجل أن يقسم المال، قلت: فَإِذَا قسم المال فمن أين ينفق عليها؟ أليس لها بعد الأجل نفقة؟

وهذا نص في أن نفقتها تسقط بانقضاء أربع سنين وأربعة أشهر وعشر عنه بموته بعد انقضاء هذه المدة، وإنما وجب لها النفقة هاهنا في مدة العدة، وإن كان عنده لا يجب {للمتوفى} (٣) عنها نفقة في مدة عدتها؛ لأنّ الوفاة هاهنا غير متيقنة فيها بخلاف من علمت وفاة زوجها، وقد أشار إِلَى هذا المعنى في


(١) في الأصل: أصحابه.
(٢) في الأصل: وجاز.
(٣) في الأصل: المتوفى.