للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكذلك أبو الخطاب في "الانتصار": أن السيد إذا غاب زوج أمته من يلي ماله. قال: وأومأ إِلَيْهِ أحمد في رواية بكر بن محمد.

فإن قيل: فقد ذكر طائفة من أصحابنا كصاحب "المغني" ومن اتبعه أن حكم الإماء مخالف لحكم الزوجات في أنهن لا يجب لهن قسم، ولا يثبت في حقهن ما يثبت للزوجات من الفسخ بالجب (١) والعنة، ولا يضرب لهن مدة الإيلاء، وهذا يدل عَلَى أنه لا يتعرض لأمة الغائب بشيء حتى يقدم.

قيل: إِنَّمَا مرادهم بذلك أن الإماء لا يساوين الزوجات في حكم الزوجات المختص بهن، من وجوب القسم والتسوية بينهن مع حضور السيد، ولا يثبت لهن به مع غيبة السيد ما يثبت للزوجات مع غيبة الزوج من مراسلته بعد ستة أشهر؛ فإن أبى القدوم أزيل ملكهن عنه، فإن هذا الحكم مختص بالزوجات، فلا تشاركهن فيه الإماء، وهذا لا ينافي أن للإماء المطالبة بحقهن من الإعفاف، عند تضررهن بترك الوطء مع الغيبة وإزالة ضررهن، فمراد الأصحاب بما قالوا نفي الحكم الأخص، وهو مساواة ما للزوجات، وليس مرادهم نفي الحكم الأعم، وهو وجوب إزالة الضرر لماء بترك الوطء، ومعلوم أن نفي الخاص لا يلزم منه نفي العام، ألا ترى أنهم قالوا: لا قسم عليه للإماء مع حضوره، ولم يكن قولهم هذا منافيًا لما ذكروه من وجوب إعفافهن بالوطء، ولا مناقضًا له، فحكم الزوجات يخالف حكم الإماء في حال حضور الزوج وغيبته.

أما في حال حضوره، فإن الزوج يجب عليه القسم والمبيت والوطء في كل أربعة أشهر، والسيد لا يجب عليه سوى الإعفاف عند الحاجة إِلَيْهِ، ولا يتعذر ذلك بمدة معينة.

وأما في حالة غيبته فإن الزوج إذا طالت غيبته فوق ستة أشهر، وطلبت زوجته قدومه، وأبى ذلك من غير عذر فرق بينهما.


(١) الجب: هو القطع والمراد به هنا قطع الذكر.