للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والأمة لا تساوي الزوجة في ذلك من وجهين:

أحدهما: تقدير المدة ستة أشهر.

والثاني: إزالة ملك السيد عنها بالكلية، ولكن إذا طالت غيبته وتضررت بترك الوطء، زَوَّجها الحاكمُ ولم يزل ملكه عن رقبتها بالكلية.

فيجب الجمع بين كلام الأصحاب (١) في هذا كله، ولا يرد بعضه ببعض، ولا يؤخذ بعضه ويترك بعضه، ولا يجعل متناقضًا، بل يجمع بينه، ويؤخذ بجميعه عَلَى الوجه الَّذِي ذكرنا، وبذلك يزول الإشكال عنه، ويتدفع التناقض، والله أعلم.

فإن قيل: فالزوج لو غاب غيبة ظاهرها السلامة، ولم يعلم خبره وتضررت زوجته بترك النكاح لم يفسخ نكاحها عَلَى المشهور من كلام الإمام أحمد وأصحابه، فكيف يزوج أمة السيد الغائب في هذه الحال؟

قيل: أما عَلَى قول ابن عقيل الَّذِي تقدم ذكره؛ فإنه يزوج المرأة بذلك كما سبق، فتزويج الأمة حينئذ عَلَى قوله أولى.

وأما عَلَى المشهور فالفرق بين تزويج المرأة وتزويج الأمة أن تزويج الأمة إِنَّمَا يجوز بعد الحكم بفسخ نكاح الزوج، ولا يجوز عند الإمام أحمد فسخ نكاحه في هذه الحال.

وأما تزويج الأمة فليس فيه فسخ لملك السيد؛ إذ الأمة باقية عَلَى ملكه لم تخرج بذلك عن ملكه، وإنما يزال ضررها بالتزويج.


(١) كتب في هامش "الأصل" ما يأتي:
قف تأمل -رحمك الله- كلام الشيخ إذا وجد في عبارات الأصحاب ما يشكل أو يتعسر فهمه أو يظهر للمفتي أو العالم منه التناقض أو عدم الجمع أنه يجب الجمع بينه .. إلخ، فما أجله من تنبيه لو تأمله الجاهل بحال أعيان حملة الشرع، وعلو مقامهم، وسعة علومهم وأفهامهم، فتجد الجاهل بمحلهم من العِلْم، المخصوص بسوء الفهم، المعجب بنفسه كثيرًا ما يحط من قدرهم، ويرى أنه خفي عليهم ما خص به ... الفهم. فالله المستعان.