وإليكم مقدمة المؤلف ومنهجه في كتابه كما خطها بقلمه، قال رحمه الله:
" ... اعلموا -أنار الله قلوبكم للمعارف، ونبهنا وإياكم على الآثار والسنن السوالف- أنه إنما حملني على جمع هذا المجموع -بما فيه إن شاء الله كفاية- أمور ثلاثة، وذلك أني ناظرت يوماً جماعة من أهل الظاهر الحزمية الجهلة بالعلم والعلماء وقلّة الفهم على موطأ الِإمام مالك بن أنس، فكل عابه وهزأ به، فقلت لهم: ما السبب الذي عبتموه من أجله؟ فقالوا: أمور كثيرة أحدها أنه خلط الحديث بالرأي، والثاني أنه أدخل أحاديث كثيرة صحيحة، وقال ليس العمل على هذه الأحاديث، والثالث أنه لم يفرق فيه بين المرسل والموقوف والمقطوع من البلاغ. وهذا من إمام قد صحت عندكم إمامته في الفقه والحديث ... فقلت لهم: اعلموا أن مالكاً رحمه الله إمام من أئمة المسلمين، وأن كتابه أجلّ الدواوين، وهو أول كتاب ألف في الإِسلام لم يؤلف مثله، لا قبله ولا بعده، إذ بناه مالك على تمهيد الأصول للفروع، ونبه فيه على علم عظيم من أصول الفقه التي ترجع إليها مسائله وفروعه، وأنا إن -شاء الله- أنبهكم على ذلك عياناً، وتحيطون به يقيناً، عند التنبيه عليه في موضعه -إن شاء الله- ... وَأُقَدِّمُ في صدر هذا الكتاب مقدمات ثلاث: المقدمة الأولى في التنبيه على فضل مالك ومناقبه، وذكر سلفه وموطنه وشرفه. المقدمة الثانية: في الرد على نفاة القياس من الظاهرية الحزمية وإثبات ذلك من كتاب الله تعالى وسنة رسوله والِإجماع. المقدمة الثالثة: في معرفة الأخبار وقبول الخبر الواحد العدل، ومعرفة علوم الحديث من المرسل والمسند ... وأذكر في هذا المجموع -إن شاء الله- ما قيدته عن العلماء والمشيخة العليا من نوادر الغريب في اللغة والفقه ... "(١).
قلت: وفي نقل هذا القدر من المقدمة كفاية والحمد لله رب العالمين.