"جمعت هذه الآية غرائب: ترهيبين وترغيبين: فالترهيب الأول: قوله: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} وهو تحذير من التمثيل بالجواهر والأجناس، وتشبيه صفاته بشيء من صفات الناس، والترهيب الثاني وهو التحذير من الرياء في عبادته والشرك به، لانفراده بالإهية والربوبية والملك، ولَمّا كان واحداً لا شريك له يوازيه أو يدانيه لم يقبل من عمل العبادة له إلا ما لا حَظ لمخلوق فيه. والترغيبين قوله: {الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} لأن فعلان وفعيلان من أبنية المبالغة، فذكر تعالى صفتين موجبتين للترهيب ثم أتبعهما بصفتين موجبتين للترغيب لتعديل الترهيب و"الترغيب" فالترهيب ليجتهد العابدون في خدمتهم، والترغيب لئلا يقنط المذنبون من رحمته. وفي قوله: {إِلَهٌ وَاحِدٌ} فوصف نفسه بالإلهية ما يقتضي استحقاق العبودية فدل أن صلاح التوحيد مرتبط بصلاح العبودية، وأن فسادها مرتبط بفسادها".