للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى الرغم من كل ما تقدم فقد كُتِبَ لهذا المعنى الثالث الغريب عن اللغة الذيوع والانتشار بين الفقهاء والأصوليين والمتكلمين، واستعملوه على أوسع نطاق، بحيث أصبح هو المتبادر إلى الذهن عند سماع لفظة "التأويل" وهو الشائع في معاجم اللغة المتأخرة، وقد تنوسي معه المعنيان المذكوران في معاجم اللغة المتقدمة في القرن الرابع وما قبله.

[التأويل في القرآن]

معنى التأويل في القرآن الكريم لا يختلف عن معناه في اللغة، غير أن هذا لا يبدو واضحاً تمام الوضوح إلاَّ باستقراء الآيات الكريمة التي ورد فيها لفظ "التأويل" ومن أقوال السلف في تفسير هذا اللفظ.

لقد تكررت كلمة التأويل في القرآن في سبع سور (١)، وتكرر ذكر كلمة التأويل في بعض السور أكثر من مرة كما في سورة يوسف والكهف.

وأول سورة ذكر فيها التأويل هي سورة "آل عمران" والتى سوف نترك الحديث عنها لأننا سنتكلم عليها بإذن الله باستفاضة في مبحث المحكم والمتشابه (٢).

[١ - التأويل في سورة النساء]

وقد وردت كلمة التأويل في سورة النساء في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [النساء: ٥٩].

أخرج ابن جرير الطبري بسنده عن مجاهد (٣) أنه قال في تفسير


(١) محمد رشيد رضا: تفسير المنار ٣/ ١٨٢.
(٢) صفحة: (٦٦٣) من هذا البحث.
(٣) يعتبر مجاهد إماماً من أئمة المفسرين: قال عنه الثوري: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك =

<<  <   >  >>