للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

من التوق، وناظرت الشِّيعَة (١) والقَدَرِيَّة (٢)، وتدربت في جمل من الجدل، ونظرت في نبذ من علم الكلام، وتفطنت من سخافة هذه الطائفة بنفسي، إلى معان تممها لي النظر في المعارف والتمرس بالمشايخ. أمة غلب عليها سوء الاعتقاد، وَنُشِّئَتْ من غير فطم بلبن العِنَادِ، واستولى اليأس منهم بما هم فيه من الفساد.

[ذكر دخول بيت المقدس]

ثم رحلنا عن ديار مصر إلى الشام، وأملنا الِإمام، فدخلنا الأرض المقدسة، وبلغنا المسجد الأقصى، فلاح لي بدر المعرفة، فاستنرت به أزيد من ثلاثة أعوام، وحين صليت بالمسجد الأقصى فاتحة دخولي له، عَمَدْتُ إلى مدرسة الشافعية (٣) بباب الأسْبَاطِ (٤)، فألفيت بها جماعة من علمائهم


(١) قال الشريف الجرجاني في التعريفات: ٦٨: "الشيعة هم الذين شايعوا علياً رضي الله عنه، وقالوا أنه الإِمام بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واعتقدوا أن الإمامة لا تخرج عنه وعن أولادها. قلت: وثمة عقائد كثيرة وغريبة يعتقدها الشيعة كنفي الصفات الإلهية وعصمة الأئمة وغيرها من الضلالات، انظر كتاب شيخ الإِسلام ابن تيمية "منهاج السنة النبوية" (ط: القاهرة ١٣٢١، الأشعري: مقالات الإِسلاميين: ١/ ٦٥ (ط: محيي الدين)، ابن حزم: الفصل في الملل والنحل: ٢/ ١١٣، الشهرستاني: الملل والنحل: ١٤٩.
(٢) عرفهم الجرجاني فقال: "القَدَرِية هم الذين يزعمون أن كل عبد خالق لفعله، ولا يرون الكفر والمعاصي بتقدير الله تعالى" التعريفات: ٩٢.
قلت: وقد عرف هؤلاء القائلون بحرية الإرادة والاختيار باسم "القدرية" وهذا من قبيل الاشتقاق من الضد، فهم سموا قدرية لأنهم أنكروا القدر الإلهي، بمعنى أنهم أثبتوا للعبد قدرة تُوجِدُ الفِعْلَ بانْفرادِهَا واستقلالها دون مشيئة الله تعالى.
(٣) المسماة بالمدرسة الناصِرية، وتقع على برج باب الرحْمَة، نسبة إلى الشيخ نَصْر المَقْدسِي، ثم عُرِفَت بالغَزَالِية نسبة لأبي حامد الغزالي. الآنس الجليل بتاريخ القدس والخليل: ٢/ ٣٤.
(٤) هو الباب الشرقي في سور المدينة، الأنس الجليل: ٢/ ٢٨.

<<  <   >  >>