للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بحيث يكون هذا النص لا يستدل به على مثل مطلوبه، وهذا كثيراً ما يحدث في جميع الفرق (١).

بيان استحالة اعتبار العقل أصلاً للشرع:

[الحجة الأولى]

لو تتبعنا كلام الفلاسفة والمتكلمين في الِإلهات والسمعيات لوجدنا أن كلا منهم يتأول الآية أو الخبر الصحيح بحجة أن عقله القاطع أبطل ظاهر الآية أو صحيح الأثر، فالمعتزلة ومن اتبعهم من الشيعة يقوان: إن أصلهم المتضمن لنفي الصفات والتكذيب بالقدر (٢)، معلوم بالأدلة العقلية القطعية، ومخالفوهم من أهل الإثبات (٣) يقولون: إن نقيض ذلك معلوم بالأدلة القطعية العقلية، ومن يتأول السمع والبصر، يدعي أن عقله قطع بإحالة ذلك على الله، وكذلك من ينكر المجيء والاستواء والنزول فلا نجد مع أحدهم إلاَّ دعوى أن عقله القاطع أحال ذلك على الله تعالى.

يقول شيخ الإِسلام ابن تيمية:

" ... فلو قيل بتقديم العقل على الشرع، وليست العقول شيئاً واحداً بَيِّناً بنفسه، ولا عليه دليل معلوم للناس، بل فيها هذا الاختلاف والاضطراب، لوجب أن يحال الناس على شيء لا سبيل إلى ثبوته ومعرفته، ولا اتفاق للناس عليه. وأما الشرع فهو في نفسه قول صادق، وهذه صفة لازمة، لا تختلف باختلاف أحوال الناس، والعلم بذلك ممكن، ورد الناس إليه ممكن، ولهذا جاء التنزيل برد الناس عند التنازع إلى الكتاب والسنة كما قال تعالى:

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ


(١) الجليند: ابن تيمية وموقفه من قضية التأويل: ٢٣٢.
(٢) وهذا ما يسمونه بالتوحيد والعدل.
(٣) أي إثبات الصفات.

<<  <   >  >>