للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

احتج بها أصحاب الاتجاه السلفي. ثم أذيل هذا المبحث بالروايات التي أثرت عن الأئمة الكبار من أهل السنة والجماعة لأن الإتيان بكلامهم أشفى للغليل وأبلغ إلى الغاية وأظفر بالمراد بإذن الله عز وجل.

[الرد على مؤولة الصفات الخبرية]

١ - إن القول في بعض الصفات كالقول في بعضها الآخر فما دام الأشاعرة قد أثبتوا لله الحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والكلام والإرادة وجعلوها صفات حقيقية، ثم نازعوا في محبة الله ورضاه وغضبه وكراهيته وجعلوا ذلك مجازاً، فيقال لهم: لا فرق بين ما أثبتموه وما نفيتموه، بل القول في أحدهما كالقول في الآخر، فإن كنتم تقولون حياته وعلمه .. كحياة المخلوقين وعلمهم، فيلزمكم أن تقولوا في رضاه ومحبته كذلك، وإن قلتم له حياة وقدرة ... تليق به ولا تشبه حياة المخلوقين وقدرتهم، فيلزمكم أن تقولوا في رضاه ومحبته كذلك.

٢ - إن ذهاب المتكلمين إلى تأويل الصفات الخبرية يدل على أنهم وقعوا في التشبيه أولاً، حيث لم يفهموا من آيات الصفات إلا ما يليق بالمخلوق المحدث، ولم يفهموا منها صفة تليق بذاته المقدسة، ثم عطلوا -ثانياً- بنفيهم ما وصف الله به نفسه لظنهم أن ذلك من صفات المحْدَثِين ثم تأولوا آيات الصفات على مذهبهم في النفي، ثم وقعوا بعد ذلك فيما فروا منه، حيث وصفوه بالسلب والنفي، فشبهوه بالمعدومات التي لا وجود لها خارج الأذهان، وظنوا أن ذلك أكمل وأبلغ في التنزيه من وصفه بما وصف به نفسه.

٣ - كما قرر السلف أن الرب سبحانه مستحق للكمال المطلق (١) كما


(١) وهذا الدليل يسمى "قياس الأولى" في إثبات صفات الكمال. ولا بد من التنبيه على أن معنى الكمال والنقص ينبغي أن يؤخذ من الشرع حتى لا نصفه سبحانه بما قد يظن أنه كمال في حقه بالمقايسة على المخلوقين، وهو ليس كمالاً له سبحانه.

<<  <   >  >>