للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن أتكلم عن فكرة "قانون التأويل" لدى ابن العربي، ولدى العلماء الذين سبقوه وأثروا في منهجه وتفكيره فنقول:

[تمهيد]

بما لا يقبل الشك أن ابن العربي نظر إلى أحوال العلماء في عصره نظرة مليئة بالنقد الدقيق، فهو من هنا فكر في وضع نهج عام يُخلّص به الثقافة الإِسلامية من الركود والجمود، بل ومن التبعية للفكر اليوناني الغريب عن الإِسلام. فقد سعى رحمةُ الله عليه لتهديم كلّ البناء الذي أنشأه الفلاسفة (الإِسلاميون!!)، متأثراً بشيخه الإِمام الغزالي (١)، على أن ابن العربي لم يقتصر على الناحية السلبية فحسب، بل عمل على ألاَّ يقف عمله على النقض والتهديم، بل تعداه إلى تشييد صرح ديني قوامه كتاب الله وسنّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - (٢).

فتميز تفكيره بأصالة الِإفادة من أفكار سابقيه، مع الابتكار في حدود الكتاب والسنة. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا المبحث هو: هل وُفِّقَ ابن العربي إلى الالتزام بالكتاب والسنة في كل ما حرره من مباحث التوحيد ومتعلقاته؟ أم تأثر بشيوخه وثقافة عصره التي كانت تميل إلى المعقول المناكب -في بعض الأحيان- للمنقول.

هذا ما سيكشف عنه بحثنا عن موقف ابن العربي من العلاقة بين العقل والشرع.

[فكرة قانون التأويل لدى العلماء]

شغل ابن العربي في بداية طلبه للعلم بكثير من القضايا الفكرية المهمة


(١) بخصوص نقد الإِمام الغزالي للفلاسفة، انظر المقدمة النقدية الممتازة التي كتبها أستاذنا د. سليمان دنيا لكتاب "مقاصد الفلاسفة" للغزالي (ط: دار المعارف).
(٢) وهذا واضح كل الوضوح في كتبه بعامة "والعواصم" بخاصة.

<<  <   >  >>