للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمثال (١)، وهذه نزعة فلسفية، وأغراض عن الحق قصيّة، بل نحن الآن في حقائق واضحة، وأمور عبرت عنها عبارات لائحة، وقد بينا فساد هذا الغرض (٢).

ذكر نموذج من الأمثال تمهيداً لما تقدم

مثل قوله تعالى: {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ} [البقرة: ١٧].

فضرب فيه لأربعة بأربعة:

منافق آمن بلسانه، ذهب الله بنوره وبقي في ظلمات الكفر، بأربعة: موقد النار أطفأ ناره ضعفها وما هب عليها، فوقع في ظلمة الليل.

فالمنافق في مقابلة الموقد، شخصاً بشخص، ونار الموقد الذي استضاء بها، بنور المنافق الذي استفاده من كلمة الإِسلام الجارية على لسانه في عصمة ماله ودمه، لحظة، ثم هبت عليه ريح المنية فأطفات ذلك النور ووقع في ظلمة الكفر (٣).


(١) عبارة الغزالي في هذا المقام هي كالتالي: "إن النائم لم ينكشف له الغيب من اللوح المحفوظ إلا بالمثال دون الكشف الصريح، وذلك يعرفه من يعرف العلاقة الخفية التي بين عالم الملك والملكوت، ثم إذا عرفت ذلك، عرفت أنك في هذا العالم نائم وإن كنت مستقيظاً، فالناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا، فينكشف لهم عند الانتباه بالموت حقائق ما سمعوه بالمثال ... " جواهر القرآن: ٣١.
(٢) في العواصم: ٤١.
(٣) قارن بالقشيري في لطائف الإِشارات: ١/ ٧٧.

<<  <   >  >>