للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأثقب فهماً، وأفصح لساناً، وأبرع بياناً وأبدع وصفاً .. " (١).

ثم لا يلبث أن ينتقد بحدة إمامه والمتبع لمذهبه الإِمام مالك فيقول عنه بمناسبة الكلام على بعض الأمور الفقهية الاجتهادية: " ... وهذا منه فاسد جداً" (٢).

قلت: حسب امرئ مسلم لله أن يبلغه قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لَيْسَ المُؤْمِنُ بطَعَّانٍ، وَلَا لَعَّانٍ، وَلَا فاحِشٍ، وَلاَ بَذِيءٍ " (٣)، حتى يخشع لرب العالمين، ويسمع لنبي الله ويطيع، فيكف غَرْبَ لسانه وضراوة فكره عن علماء الأمة وأئمتها، نسأل الله أن يجنبنا الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ويرزقنا الإنصاف، ويعيذنا من الفرقة والاختلاف، وأن يغفر لجميع علماء المسلمين، وأن يتقبلهم عنده في الصالحين، ويختم لنا بما ختم به لعباده المتقين، آمين.

[٨ - أقوال العلماء فيه]

وشخصية ابن العربي لا تتضح معالمها من تراثه فحسب، بل تعرف كذلك في شهادات من عاصروه، وأقوال من ترجموا له من المؤرخين والعلماء، فقد جاء في رسالة العالم الرباني أبي بكر الطرطوشي (٤) ما نصه:

" ... والفقيه أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي ممن صحبنا أعواماً


(١) الأحكام: ٣١٤، وهذا الكلام من ابن العربي كان رد فعل لقول الجويني عن الإِمام الشافعي إنه أفصح من نطق بالضاد.
(٢) الأحكام: ٢١١، وانظر نقده الشديد واللاذع للظاهرية: الأحكام: ١٠/ ١١٠، العواصم: ٣١١ - ٣٧٢.
(٣) أخرجه الترمذي في كتاب البر، باب ما جاء في اللعنة، رقم: ١٩٧٨، وابن حبان رقم: ٤٨ (من موارد الظمآن لنور الدين الهيثمي) والبخاري في الأدب المفرد رقم: ٣١٢، والحاكم في المستدرك: ١/ ١٢، ١٣، وصححه، ووافقه الذهبي.
(٤) وهي الرسالة التي بعث بها إلى الأمير يوسف بن تاشفين، مؤسس دولة المرابطين، انظر: "شواهد الجلة": ٣٣/ أ (مخطوط دار الوثائق بالرباط رقم: ١٠٢٠).

<<  <   >  >>