للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا الكتاب محرر بطريقة جدلية خطابية، فيها شدة العنف وسورة الحدة، فالمؤلف يتحرى أشد العبارات وأقساها في الدلالة على معاني التخطئة حتى يدخل -في بعض الأحيان- في باب الشتم والاستخفاف المنهي عنه (١).

وبالرغم من هذه الهَنَاتِ التي يمكن أن تؤخذ عليه، فالكتاب عظيم في مبناه قيم في معناه، بناه على إيراد القضايا الباطلة والشبه المضللة مما كان يروج يومئذ في العالم الِإسلامي فيصد المسلمين عن الصراط المستقيم، فالمراد بكتابه هذا: الهداية للتوقي من الشبه، لا مجرد إيرادها وتقريرها، فإنه سماه "العواصم من القواصم" أي الحجج المنجية من المقالات المضللة، وجعل المقالات التي تكفل بردها وتزييف باطلها راجعة إلى مذهب السفسطائية الذين يعطلون المعرفة، أو يعطلون بعض طرقها، بما يشمل مقالات الباطنيين والروحانيين وغلاة الصوفية.

وعلى العموم فقد أبدع في كل مبحث طرقه وأتى بالعجب العجاب.

٥ - كتاب "الوصول إلى معرفة الأصول" (٢):

وأعتقد أنه من أول مؤلفاته في علم الكلام، كتبه بعد رجوعه من رحلته مباشرة، بدليل عدم إحالته إلى كتبه الأخرى، إضافة إلى أن أسلوبه فيه تنقصه القوة والاندفاع الحماسي الشديد في الرد على المخالفين، فهو يكتفي -على عادة العلماء المبتدئين في التصنيف- بنقل نصوص طويلة عن علماء العقائد


(١) كقوله عن الِإمام ابن حزم: " .. فلما عدت (من رحلتي) وجدت القول بالظاهر قد ملأ المغرب بسخيف كان من بادية إشبيلية يعرف بابن حزم ... ". العواصم: ٣٣٦.
(٢) ينبغي التنبيه على أن لأبي عمر أحمد بن قرطان المعافري الطلمنكي (ت: ٤٢٨) كتاباً في العقائد تحت عنوان "الوصول إلى معرفة الأصول" وقد نقل عنه شيخ الإِسلام ابن تيمية في درء تعارض العقل والنقل: ٢/ ٣٥، ٦/ ٢٥٠ انظر في ترجمة أبي عمر: عياض: ترتيب المدارك: ٧/ ٣٢ (ط: الرباط)، الضبي: بغية الملتمس: ١٥١، ابن عماد: شذرات الذهب: ٣/ ٢٤٣، وانظر تعليقنا على قانون التأويل: صفحة ٦٦٨ التعليق رقم:٥.

<<  <   >  >>