للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشرط السادس]

أن يذكر ما حفظ وعلم، ولا ينبذه وراء ظهره.

[الشرط السابع]

أن يعمل بما علم فذلك أثبت له حفظاً ونجاة.

فهذه أمْهاتها (١)، وهي مفتقرة إلى الدؤوب عليها دون فتور، فإن عَلِمَ من نفسه منة واتساع باع، وقبولاً للبلوغ إلى النهاية، فليأخذ في معرفة الباري من أسمائه الحسنى، فإنها تحيطه بالكلّ، وبها يعرف العالم، فلكل اسم من أسمائه جزء مقسوم منه، وقد قيّدناه في "الأمد الأقصى" وهو الغاية، وبه يعرف الترقّي من درجة إلى درجة.

وحذار من أن يطمع عبد في استقلاله بنفسه في العلوم، حتى يحتكّ بين يدي المعلم، فما ضلّ من ضلّ إلاَّ من الصحف، بل إذا وصل إلى درجة


(١) كثيراً ما يتطرق المؤلف - رحمه الله - لموضوع "العالم والمتعلم" في مختلف كتبه، ومما قاله في "قانون القاهرة": ٩٥/ ب هو كالتالي: " ... للعالم على المتعلم عشرة خصال، منها أربعة هي أمهاتها: أحدها أن يصغي إلى قوله ولا يقف في وجهه، ويأخذ ما يتيسر له منه، ولا يكلّفه إلّا ما أعطاه. الثانية: أن لا ينظر في المشكلات، وأن ينظر في المبينات، فإذا أحكمها وتخلصت له، نظر بعد ذلك في المشكلات فيكون أرجى لفهمها. الثالثة: أن لا يسأله سؤال معنف كما فعلت اليهود حين سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - بجفاء وعنف. الرابعة: أن يسلم له، وأن يُطَهِّر نفسه ويزكيها من المعاصي والذنوب فلا شيء أنفع في التعليم من التقوى.
وللمتعلم على العالم عشر حقوق منها: أن يرفق به ويعلمه برأفة ورحمة ولذلك قال عليه السلام: "إِنمَا أنا لَكمْ بمَنْزِلَةِ الوَالِدِ أعَلمكُمْ دِينكُمْ"، إليه الإشارة بقوله تعالى: {كُونُوا رَبَّانِيِّينَ} [آل عمران: ٧٩] والعَالِمُ الرباني هو الذي يربي المتعلم بصغار العلم في المسائل قبل كبارها، فهو مأخوذ من التربية، وإليه الِإشارة لبعض العلماء وقد سئل فقيل له: من أحبُّ إليك أبوك أم معلمك؟ فقال معلّمي لأنه سبب حياتي الباقية، وأبي سبب حياتي الفانية ... " قلت: وللتوسع في هذا الموضوع، انظر: السراج: ١٩١/ أ- ب.

<<  <   >  >>