للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الاستيلاء والاقتدار (١)، كما يؤولون الوجه بالذات (٢) واليد بالقدرة إلى غير ذلك من هذه التأويلات الباطلة (٣).

فنقول للمعتزلة: لا فرق بين إثبات الأسماء وإثبات الصفات، فإنكم إن قلتم: إنه إثبات الحياة والقدرة والغضب والنزول يقتضي التشبيه أو التجسيم لأنا لم نجد متصفاً بالصفات إلاَّ وهو جسم. قلنا: وكذلك في الأسماء إذ لا نجد ما هو مسمى بحي وعليم وقدير إلاَّ ما هو جسم فانفوا أسماء الله، فإن قالوا: هذه الأسماء تليق بكماله وجلاله، قلنا: وكذلك الصفات.

ثم نقول لهم إنكم تؤولون الصفات بقصد التنزيه ونفي التشبيه، ولكن السؤال المطروح هو: عن أي شيء تنزهونه؟ هل تنزهونه عن النقائص أو عن الكمالات؟ فستقولون ننزهه عن النقائص، فهل تعتبرون وصفه بما وصف به نفسه، وما وصف به رسوله - صلى الله عليه وسلم - من النقائص؟ في رأينا أن مذهب المعتزلة في الصفات الخبرية مذهب متهافت لا حجة معه.

[رأي الأشاعرة]

من المعروف أن الأشاعرة يثبتون بعض الصفات لله تعالى كالحياة والعلم والقدرة والسمع والبصر والكلام والِإرادة (٤)، ويجعلونها صفات حقيقية ثم ينازعون في الصفات الخبرية فيأولونها أو يفوضون معناها إلى الله سبحانه وتعالى.

ويذهب أبو بكر بن العربي مع الأشاعرة (٥) قولًا واحداً في وجوب


(١) عبد الجبار: متشابه القرآن ١/ ٧٢.
(٢) الزمخشري: الكشاف ٤/ ٤٦.
(٣) انظر: عبد الجبار: متشابه القرآن: ١/ ٧٢، وشرح الأصول الخمسة: ٢٢٧ وانظر ما قيل عنهم: الأشعري: مقالات الإسلاميين ١/ ٢٣٥ (ط: محيي الدين).
(٤) أما عند الماتريدية فالصفات ثمانية؛ لأنهم يزيدون "صفة التكوين" فهي عندهم قديمة بذاته تعالى، وعند غيرهم هي من صفات الفعل الحادثة المتجددة بتجدد الأفعال.
(٥) ينبغي التفريق بين متقدمي الأشاعرة ومتأخريهم، فأما المتقدمون مثل إمامهم أبي الحسن =

<<  <   >  >>