للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والرؤيا الصحيحة أقسام: منها إلهام يلقيه الله سبحانه في قلب العبد، ومنها مثل يضربه له ملك الرؤيا الموكل بها، ومنها دخول روح النائم إلى الجنة ومشاهدتها وغير ذلك من أنواع الرؤيا الصحيحة التي هي عند الناس من جنس المحسوسات، وهذا الموضع هو الذي اضطرب فيه العلماء واستغله الفلاسفة والصوفية لنشر مذهبهم، قال الِإمام ابن قيم الجوزية في هذا الموضوع: " ... فمن قائل أن العلوم كلها كامنة في النفس وإنما اشتغالها بعالم الحس يحجب عنها مطالعتها: فإذا تجردت بالنوم رأت منها بحسب استعدادها، ولما كان تجردها بالموت أكمل كانت علومها ومعارفها هناك أكمل. وهذا فيه حق وباطل، فلا يرد كله، ولا يقبل كله، فإن تجرد النفس يطلعها على علوم ومعارف لا تحصل بدون التجرد، لكن لو تجردت كل التجرد لم تطلع على علم الله الذي بعث به رسوله - صلى الله عليه وسلم - وعلى تفاصيل ما أخبر به عن الرسل الماضية والأمم الخالية، وتفاصيل المعاد وأشراط الساعة، وتفاصيل الأمر والنهي، والأسماء والصفات والأفعال، وغير ذلك بما لا يعلم إلاَّ بالوحي، ولكن تجرد النفس عون لها على معرفة ذلك وتلقيه من معدنه أسهل وأقرب وأكثر بما يحصل للنفس المنغمسة في الشواغل البدنية" (١).

[أبو بكر بن العربى وتأويله لاسم الجلالة "النور"]

تعرض المؤلف - رحمه الله - في فصل "ذكر قانون من التأويل في آية معينة" إلى شرح قوله تعالى:

{اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} الآية (٢) [النور: ٣٥] فقال:

"قال علماؤنا: أراد الله منوّر السموات بما خلق فيها من الأنوار


(١) ابن قيم: الروح: ٣٠.
(٢) قانون التأويل: ٤٧٥.

<<  <   >  >>