للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحسوسة كالكواكب، ومنور القلوب بما خلق فيها من الهدى، ولذلك قالوا: نور بمعنى هادي التفاتاً إلى هذا المعنى" (١).

قلت: وابن العربي تأثر بالمعتزلة في هذا التأويل الغريب الذي رفضه في كتابه "الأمد الأقصى" كما سيأتي معنا.

وقد ذهبت المعتزلة عن بكرة أبيها إلى وجوب تأويل اسمه تعالى "النور" فيكون مجازاً، معناه منور السموات والأرض بالنور المخلوق، ويتعين المجاز -في رأيهم- لأن كل عاقل يعلم بالضرورة أن الله تعالى ليس هو هذا النور المنبسط على الجدران ولا هو النور الفائض من جرم الشمس والقمر والنار، فإما أن يكون مجازه منوِّر السموات، أو هادي أهلها.

قلت: وهذا الذي ارتضوه باطل لا يقول به عاقل، وذلك من عدة أوجه:

أولاً: أن اسم "النور" جاء في أسمائه تعالى، وهذا الاسم مما تلقته الأمة بالقبول، وأثبتوه في أسمائه تعالى، وهو مثبت في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن لله تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْماً، مَنْ أحْصَاهَا دَخَلَ الجَنَةَ. هُوَ الله لَا إلهَ إلاَّ هُوَ الرحْمنُ الرحِيمُ .. الحديث إلى ذكر اسْمِهِ تَعَالَى "النور" (٢).

وهذا الحديث لم ينكره أحد من السلف ولا أحد من أئمة أهل السنة، ومحال أن يسمي نفسه نوراً وليس له نور ولا صفة النور ثابتة له، كما أن من المستحيل أن يكون عليماً قديراً سميعاً بصيراً ولا علم له ولا قدرة، بل صحة


(١) م، ن.
(٢) أخرجه الترمذي في الدعوات رقم ٣٥٠٧، وابن ماجة في الدعاء رقم ٣٩٠٧ (ط: الأعظمي) "قال الدكتور الأعظمي: قال البصيري في الزوائد ٢٣٤/ ب عدد أسماء الله الحسنى لم يخرجه من الأئمة السنة سوى ابن ماجه والترمذي. قلت: وقد أخرجه ابن حبان في صحيحه رقم ٢٣٨٤ (من موارد الظمآن) وحسّنه النووي في الأذكار.

<<  <   >  >>