يكونوا يخالفون في هذا، بل كانوا يقرون بأن الله سبحانه وتعالى خالق كل شيء، حتى أنهم كانوا يقرون بالقدر أيضاً، وهم مع هذا مشركون ... " (١).
قلت: أما والحالة هذه، فقد تعين علَيَّ بيان أنواع التوحيد على طريقة السلف الصالح فهي السبيل الواضحة، والطريق الصحيحة التي يسقط معها سؤال السائل وشك المتشكك فنقول مستعينين بالله عز وجل:
[أ- توحيد الربوبية]
وهو الاعتقاد بأن رب العالم وخالقه صانع واحد، وليس اثنين وهو الرب سبحانه الذي جبلت الفطر على الاعتراف به والخضوع له.
وبناءً على هذا فإن توحيد الربوبية يعني الإقرار أن الله تعالى ربُّ كل شيء ومالكه وخالقه ورازقه، وأنه المحيي والمميت، النافع الضار الذي له الأمر كله، وبيده الخير كله، القادر على كل شيء ليس له في ذلك شريك لذلك كانت شؤون الربوبية كلها من الخلق والرزق والملك والتدبير والتصريف مختصة به سبحانه، لا يشاركه فيها أحد من خلقه، ولا ريب أن هذا الأمر مركوز في الفطرة لا يكاد ينازع فيه أحد حتى أن المشركين الذين بعث فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كانوا يقرون بذلك، ولا ينكرونه، ولا يجعلون أحداً من آلهتهم شريكاً لله تعالى في ربوبيته غير أن هذا التوحيد لا يكفي الإنسان في حصول الإِسلام، بل لا بد أن يأتي مع ذلك بلازمة من توحيد الإلهية.
[ب- توحيد الألوهية]
ومعناه أن يُعْبَدَ الله وحده ولا يشرَكَ بعبادته أحدٌ من خلقه وفي هذا النوع يتحقق معنى قولنا "لا إله إلا الله" وهو دعوة كل رسول إلى قومه من لدن آدم إلى سيدنا محمد - صلى الله عليه وسلم -. قال تعالى: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا
(١) ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٣/ ٩٨ وقد سقت كلام شيخ الإِسلام -على طوله- من أصل التدليل على رأيي الذي قررته سابقاً، وإن كان قد أدى إلى تكرار المعاني والأفكار.