للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صحة غيرها من المعقولات، ولا من فساد هذه فساد تلك، فضلاً عن صحة العقليات المناقضة للسمع (١).

[الحجة الثالثة]

إن الدليلين المتناقضين لا يخلوان إما أن يكونا قطعيين أو ظنيين، أو أحدهما قطعياً والآخر ظنياً.

أما الأول فباطل؛ لأنه لا تعارض بين القطعيات.

وأما الثاني فجائز، وفي هذه الحال يقدم السمعي على العقلي.

وأما الثالث فجائز أيضاً وفي هذه الحال يقدم القطعي -أياً كان عقلياً أو سمعياً- ويردّ الظني -أياً كان سمعياً أو عقلياً.

فتبين لنا أن الجهة التي يجب أن يرجح الدليل من أجلها هي كون دلالته على المطلوب قطعية، وليس من أصل كونه عقلياً أو سمعياً، وحينئذ يجب أن يرجح الدليل لكونه قطعياً لا لكونه عقلياً.

[وجوب تقديم السمع على العقل]

قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: "إذا تعارض الشرع والعقل وجب تقديم الشرع؛ لأن العقل مصدق للشرع في كلِّ ما أخبر به، والشرع لم يصدق العقل في كل ما أخبر به، ولا العلم بصدقه موقوف على كل ما يخبر به العقل" (٢).

قلت: وقد توسع شيخ الإِسلام في البرهنة على مطلوبه، وأبدع في ضرب الأمثلة من الواقع التي تبرهن على صحة وجوب تقديم السمع على العقل.


(١) ابن تيمية: درء تعارض العقل والنقل: ١/ ٨٩ - ٩٠.
(٢) م، ن: ١/ ١٣٩ وما بعدها.

<<  <   >  >>