للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذكر الحروف المذكورة في أوائل السور (١)

ومن الباطن (٢) علم الحروف المقطعة في أوائل السور، وقد قيدت فيها أزيد من عشرين قولاً (٣)، ولم يخلق الله أحداً يحكم عليها بعلم، ولا يدعي في المراد منها فهماً، بله رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

بيد أني أذكر لكم فيها قولًا بديعاً لم أسبق إليه، ولا زوحمت عليه في أسباب سلوكي إلى الله سبحانه، وذلك أن الله بعث نبيه - صلى الله عليه وسلم - إلى الخلق بمعجز تحدى به العرب خاصة وهو القرآن، واستفتح بعض سوره بهذه الحروف المقطعة، والعرب قد شنفت (٤) له، وقومُه جراءَةٌ عليه، يرقبون منه زلةً،


(١) انظر في هذا الموضوع: الطبري: التفسير: ١/ ٦٧ - ٧٤، ابن قتيبة: تأويل مشكل القرآن: ٢٩٩، القشيري: الإشارات: ١/ ٦٥، و"العقل وفهم القرآن" له: ٣٢٩، الزمخشري: الكشاف: ١/ ١٢ - ١٩، ابن عطية: المحرر الوجيز: ١/ ٩٤ (ط: المغرب)، ابن حيان: البحر المحيط: ١/ ٣٤، القرطبي: جامع أحكام القرآن: ١/ ١٥٤.
(٢) الذي نقله السيوطي في الإتقان: ٣/ ٣٠ وفي معترك الأقران: ١/ ١٥٦ عن ابن العربي في فوائد رحلته هو: "ومن الباطل (باللام) علم الحروف المقطعة ... ".
قلت: ولا يخفى أن هذا النقل فيه تحريف؛ لأن سياق الكلام لا يفيد معنى (الباطل) فابن العربي ما زال يتحدث عن الباطن في علوم القرآن، وأتى بنماذج من ذلك، ومن جملة هذه النماذج الحروف المقطعة في أوائل السور، إضافة إلى أن هذا العلم لو كان من العلوم الباطلة فكيف يخوض فيه ابن العربي ويقيد فيه أزيد من عشرين قولاً!.
انظر الشاطبي في الموافقات: ٣/ ٣٩٦. وقد ترتب على هذا التحريف نتائج غير مرضية، فنجد د. عائشة عبد الرحمن تقول في كتابها "الإعجاز البياني للقرآن": ١٣٦: "ويئس بعضهم من كل الجدل المثار في الحروف واختلاف الأقوال في تأويلها، منهم القاضي أبو بكر بن العربي الذي قال -فيما نقل السيوطي من كلامه في فوائد رحلته- ومن الباطل علم الحروف المقطعة ... ".
(٣) وقفت على هذه الأقوال في تفسيره: "معرفة قانون التأويل": ٢٧/ أوما بعدها (مخطوط الأسكريال رقم: ١٢٦٤) حيث أورد اثني عشر قولاً لعلماء التفسير، وسبعة أقوال للصوفية.
(٤) أي نظرت له في اعتراض، انظر الجوهري في الصحاح: ٤/ ١٣٨٣.

<<  <   >  >>