للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما عبر عنه في "قانون التأويل" عندما عرّف العدالة بقوله: "هي انتظام العلم والعمل" (١).

قلت: وبتعريف العدالة ختم ابن العربي رحمه الله فصل "ذكر تمام الوصول من المقصود من معرفة النفس والرب" (٢) وشرع في ذكر أقسام حال النفس.

[أبو بكر بن العربي وموقفه من الروح]

تكلم ابن العربي في فصل "ذكر الآيات الواردة في النفس والقلب والجوارح" (٣) عن الروح (٤)، ولكنه لم يتوسع في ذكر آراء العلماء والفرق فيها، وقبل أن أتعرض لرأيه في هذا الموضوع أرى من المستحسن أن أذكر -باختصار- أهم آراء العلماء في هذا الموضوع (*) فأقول:

لقد اكتنف محاولات البحث عن ماهية الروح وحقيقتها قصور وعجز في مختلف الثقافات والديانات العالمية، وعلى الرغم من الوضوح التام الذي جاء به الإِسلام، إلاَّ أن علماء المسلمين سرعان ما اندفعوا بجرأة وتطاول يستكشفون ماهية الروح، ويحاولون الوصول إلى كنهها، متأثرين -بلا شك- بالثقافة اليونانية وغيرها من الفلسفات البشرية، ويمكن إجمال الآراء المختلفة في مدارس الفكر الِإسلامي في الاتجاهات التالية:

الأول: أنكرت طائفة وجود النفس كجوهر روحاني مستقل عن البدن


(١) ص: ٤٨٥.
(٢) من ص: ٤٨٠ إلى ٤٨٦.
(٣) قانون التأويل: ٤٩٥.
(٤) اختلف العلماء في مسمى النفس والروح: هل هما متغايران؟ أو مسماهما واحد؟ والتحقيق أن النفس تطلق على أمور، وكذلك الروح، فيتحد مدلولهما تارة ويختلف تارة، فالنفس تطلق على الروح، ولكن غالب ما تسمى نفساً إذا كانت متصلة بالبدن، وأما إذا أخذت مجردة فتسمية الروح أغلب عليها. ابن أبي العز: شرح العقيدة الطحاوية: ٣٤٨.
(*) للتوسع في معرفة رأي ابن العربي في العدل انظر: عمار طالبي: آراء أبي بكر بن العربي الكلامية ١/ ٢٠١ - ٢٠٣.

<<  <   >  >>