للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وأما العدل فهو عندهم عبارة عن اتساق قوى هذه الفضائل الثلاث في جهتي الِإباء والانقياد على التناسب والسداد، ويقال لهم: ليس هناك قوة ولا قدرة، والانتظام إنما يكون على النظام الأسدِّ الذي رتبه صاحب الشرع، وأنتم لا تدرونه" (١).

وأوضح -رحمه الله- في كتابه "الأمد الأقصى" حقيقة العدل في اللغة فقال بأنه ضد الجور، ورجل عدل إذا كان مستمر الطريقة، وهذا عدل إذا كان مساوياً له، وأصل ما ورد على اللفظ يرجع إلى هذا المعنى (٢).

ويضيف قائلاً: "وإذا علمتم ما تقرر في اللغة من معنى هذا اللفظ، وأن العدل هو الذي لا يميل به الهوى ولا يجور في الحكم، فإن معنى العدلية بما اختلفت فيه عبارات علمائنا على ثلاثة أوجه:

الأول: فعل ما للفاعل أن يفعله.

الثاني: إن كل فعل وقع.

الثالث: العدل ما فعله الفاعل وكان مالكاً لفعله.

والعبارة الأولى أوجز وأحق في البيان لأنها تعم المحدث والقديم" (٣).

قلت: وبناء على هذا الاختيار فيرى ابن العربي بأن الباري تعالى هو العدل وحده بالحقيقة؛ لأنه له أن يفعل ما يشاء من تعذيب جميع الخلق أو تنعيمهم، أما العدل الِإنساني فحقيقته: فعل المأمور به، فيرجع العدل والعدالة إلى العلم ارتباطاً؛ لأن الإنسان إذا عمل بما علم كان عدلاً (٤)، وهذا


(١) العواصم من القواصم: ٢٥٨.
(٢) لوحة ١٠٦/ أ- ب وقال الزجاج (ت: ٣١١): "أصل هذه اللفظة من قولهم: عدلت عن الطريق، أعدل عنها عدلاً وعدولًا، إنما سمي العدل والعادل لأنهما عَدَلاَ عن الجور إلى القصد" تفسير أسماء الله الحسنى: ٤٤، وانظر: الأزهري: مقاييس اللغة: ٢/ ٢١١.
(٣) م، ن: ١٠٦/ ب.
(٤) العواصم من القواصم: ٢٥٨ - ٢٥٩.

<<  <   >  >>