للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومبتدعة لا يفهمون، قد قعدوا مني مزجر الكلب يبصبصون، والله أعلم بما يتربصون" (١).

[٦ - جهاد ابن العربي]

عندما اكتسح الصليبيون، واكتسبوا أراضي الإِسلام في عدة جهات من شرق الأندلس، وأضحى الخطر يتهدد الثغر الأعلى بأكمله، قام ابن العربي في الناس يدعوهم إلى الجهاد في سبيل الله، ونجدة إخوتهم وجيرانهم، وفي هذا الشأن يقول في كتابه الأحكام:

" ... ولقد نزل بنا العدو -قصمه الله- سنة: ٥٢٧ فجاس ديارنا، وأسر جيرتنا، وتوسط بلادنا في عدد هال الناس عدده، وكان كثيراً وإن لم يبلغ ما حَدَّدُوهُ، فقلت للوالي والمولى عليه: هذا عدو الله، وقد وقع في الشرك والشبكة، فلتكن عندكم بركة، ولتظهر منكم إلى نصرة دين الله المتعينة عليكم بركة، فليخرج إليه جميع الناس حتى لا يبقى منهم أحد في جميع الأقطار، فيحاط به، فإنه هالك لا محالة إن سيّركم الله له، فغلبت الذنوب ووجفت القلوب بالمعاصي، وصار كل أحد من الناس ثعلباً يأوي إلى وجاره وإن رأى المكروه بجاره، فإنّا لله وإنا إليه راجعون، وحسبنا الله ونعم الوكيل" (٢). ويقول في موضع آخر متحسراً مكلوماً:

" ... فكيف بنا وعندنا عهد الله أن لا نسلم إخواننا إلى الأعداء، وننعم وهم في الشقاء، أو نملك بالحرية وهم أرقاء، يا لله ولهذا الخطب الجسيم، نسأل الله التوفيق للجمهور، والمنّة بصلاح الآمر والمأمور" (٣).

وقد شارك ابن العربي في كثير من الغزوات التي خاضها أمراء إشبيلية مع الصليبيين في شرق الأندلس وغربه، ومن بينها غزوة كتندة التي خرج إليها


(١) العارضة: ١/ ٣.
(٢) الأحكام: ٩٥٥.
(٣) الأحكام: ٩٥٦.

<<  <   >  >>