للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شَيْءٌ} [الشورى: ١١]: رد على الممثلة، {وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [الشورى: ١١]: رد على المعطلة، ومن جعل صفات الخالق مثل صفات المخلوق فهو المشبه المبطل المذموم" (١).

[أبو بكر بن العربي ورده على الفلاسفة في بعض الجزئيات]

تعرض ابن العربي -رحمه الله- في فصل "ذكر بيان أن العلم قبل العمل" إلى الرد على الفلاسفة في اعتقادهم أن ما في الدار الآخرة إنما هو خيالات وتمثيلات (٢) وأوضح أنهم أخطؤوا في فهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن أقَل أهْلِ الجَنةِ مَنْزِلَةً يُؤْتى مِثْل الدنْيَا وَعَشْرِ أمْثَالِهَا" (٣) فاستبعدوا ذلك لأمرين:

الأمر الأول: لجهلهم بعموم قدرة الله وعلمه وسعة مخلوقاته قياساً على أنفسهم وقصراً لخواطرهم القاصرة عن منتهى العلوم.

الأمر الثاني: اعتقادهم أن الجنة هي السموات وهي لا تتسع لهذا، وكيف وهي من الدنيا؟ فذلك أبعد.

وقد نقل ابن العربي عن أبي حامد الغزالي أنه قال في تفسير هذا الحديث: إنما يؤتى مثل الدنيا في القيمة والقدر، لا في المساحة، وقدر شبر في الجنة خير من الدنيا بغير حصر بمثل ولا بعشرة أمثالها، ولا بأكثر من ذلك كما يقال: هذه ياقوتة خير من ألف مثقال لا في الوزن، ولكن في القيمة والمنفعة لأنها تساوي بالتقويم أكثر من ألف (٤).

وقد تعجب ابن العربي من صدور هذا القول -المشوب بآراء الفلاسفة- عن الإِمام الغزالي ورد عليه قائلاً:


(١) المرجع السابق: ١/ ٣٣٢ - ٣٣٣.
(٢) قانون التأويل: ٥٥٩ وما بعدها.
(٣) سيأتي تخريجه إن شاء الله- في التعليق رقم: ١ من قانون التأويل: ٥٥٩.
(٤) العواصم من القواصم ٣٣٣ - ٣٣٤، وانظر قانون التأويل: ٥٦٠.

<<  <   >  >>