للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يجب تنزيهه عن أن يماثله شيء من المخلوقات في شيء من صفات الكمال الثابتة له .. فالنقائص جنسها منفي عن الله تعالى، وكل ما اختص به المخلوق فهو من النقائص التي يجب تنزيه الرب عنها، بخلاف ما يوصف به الرب، ويوصف به العبد بما يليق به مثل العلم والقدرة والرحمة ونحو ذلك، فإن هذه ليست نقائص، بل ما يثبت للعبد من هذه المعاني فإنه يثبت لله على وجه لا يقاربه فيه أحد من المخلوقات، فضلاً عن أن يماثله فيه ... " (١).

ويقول في موضع آخر: " ... فمن المعلوم أن ما يتصف به الرب سبحانه من صفات الكمال مباين لصفات خلقه أعظم من مباينة مخلوق لمخلوق ... " (٢).

قلت: ويفهم من هذا الكلام المصفى أن أئمة السلف كانوا يعتقدون أن الله لما كان لا يشبه المخلوقات لا في ذاته ولا في صفاته بأي وجه من وجوه المشابهة ولما وجب أن يتصف سبحانه بكل صفات الكمال، وأن ينزه عن كل صفات العيب والنقص، فإنه يجب إثبات كل الصفات الواردة في الكتاب والسنة لله تعالى بدون تشبيه، أي إثبات بلا تمثيل، وتنزيه بلا تعطيل. وقالوا: لا بدّ من إجراء الصفات على ظاهرها وحملها على الحقيقة لا المجاز مخالفين في ذلك أئمة التعطيل والتأويل من الجهمية والمعتزلة ومن سلك سبيلهم.

يقول شيخ الإِسلام: "ومذهب سلف الأمة وأئمتها أن يوصف الله تعالى بما وصف به نفسه وبما وصفه به رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل، يثبتون لله ما أثبته من الصفات وينفون عنه مشابهة المخلوقات، يثبتون له صفات الكمال، وينفون عنه ضروب الأمثال وينزهونه عن النقص والتعطيل، وعن التشبيه والتمثيل، إثبات بلا تعطيل. {لَيْسَ كَمِثْلِهِ


(١) ابن تيمية: تفسير سورة الإخلاص ٧٦ - ٧٧.
(٢) ابن تيمية: منهاج السنة: ١/ ٢٤٩. (ط: دار العروبة).

<<  <   >  >>