للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو ديوانها، وقد كانت تسترسل والماء في كلامها نَمِيرٌ (١)، والغصن نضير، فكيف، وقد كدرته الدلاء، وجففته حرارة الانتواء (٢).

[ذكر الباطن من علوم القرآن]

وأما علم الباطن، فقد ضلّت فيه الأمم فأوغدوا (٣) في هذا الباب وأوعدوا (٤)، حتى كفرت منهم طائفة لا يحكى قولها الآن لسخافته، وتسورت عليه أخرى، وادعى كل واحد منهم أن علمه في كتاب الله، ليحرص عليه من يطلبه.

وإنما عني العلماء بقولهم: "إن العلوم كلها في كتاب الله" ما كان علماً لذاته، لا ما وقعت الدعوى فيه أنه علم وهو جهل، وذلك يرجع إلى العلوم الشرعية، والحقائق العقلية، فإن جميعها مضمّن في كتاب الله، والدليل عليه مبين، وكل جهالة وسخافة ادعتها طائفة فالرد عليها في كتاب الله موجود أيضاً مبين.

وتكلفت طائفة ما يُستغنى عنه وهم جماعة من الصوفية أنحاء غريبة


(١) قال الجوهري في الصحاح: ٢/ ٨٣٨ "ماء نمير، أي ناجع، عذباً كان أو غير عذب".
(٢) الانتواء هو الارتفاع.
(٣) أي جاءوا بحمق لا سداد فيه.
(٤) وهي من وعيد الفحل أي هديره إذا همّ أن يصول. لسان العرب مادة "وعد" والكلمتان بمعنى صالوا وجالوا دون طائل.

<<  <   >  >>