للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النبي - صلى الله عليه وسلم -: الناس نِيَامٌ فَإذَا مَاتُوا انْتَبَهُوا" (١). وقال: " أعْلَمُكُمْ بِنَفْسِهِ أعلَمُكُمْ بِرَبهِ" (٢).

قلت: إن الركون إلى مثل هذه العبارات والأفكار الفلسفية يفضي -لا محالة- إلى طريق مليء بالمنعرجات التي تؤدَّي إلى الهلكة، والناظر في مثل هذه الأقوال وان كان بعضها غير قادح في عقيدة المسلمين -على حد تعبير ابن العربي- فإن جلها ينطوي على شبهات إذا خالطت العقلَ واليقين تفسده، فيصاب المشتغل بها بالحيرة والشك والاضطراب، فالأحرى بالمسلم أن يقتصر على الألفاظ الواضحة ذات الدلالات الشرعية السليمة، والحمد لله فإن في مكتبتنا الإِسلامية السنية ثروة طائلة من الألفاظ الدقيقة والتعابير الحكيمة تزخر بها كتب التوحيد والحديث والتفسير وإنها لتدل بسلامتها وأصالتها ووضوحها ودقة تعبيرها وإحكام تحريرها على أن الذين تعاطوا العلوم الشرعية كانت مرضاة الله دائماً نصب أعينهم، فلم يحيدوا عن الطريق، فسددهم الله إلى سواء السبيل.

[تأثر ابن العربي ببعض آراء الفلاسفة]

سبق أن عرفنا أن ابن العربي قد يستعير بعض الصور والأفكار من الفلاسفة والصوفية ويسكبها في قالب سني، ولكن هل وفق في منهجه هذا أم أخفق؟.

باستطاعة الباحث الجزم بأن القاضي ابن العربي وفق إلى أبعد الحدود في نقض كلام الفلاسفة وآراء مختلف الطوائف، ولكن -والعصمة لله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - لم يسلم من التأثر بمقولاتهم، وهنا أود أن أشير إلى أن ابن العربي لم يكن وحيد دهره في الانفراد بهذا التأثر، فإن الأمر أوسع من هذا،


(١) هذا حديث موضوع وإسناده إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باطل. انظر تعليقنا رقم: ١ على قانون التأويل: ٥٦٧.
(٢) انظر تعليقنا رقم: ١ على قانون التأويل: ٤٦٧.

<<  <   >  >>