للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويتربصون به سقطةً، فلو كانت هذه الحروف سالكةً سبيل الإِشكال غير داخلة في فن من فنون فصاحتهم، لا تهتدي إليها معارفهُم، ما تركوه أن ينتقل عنها شبراً حتى يحدث لهم فيه ذكراً، ويظهر إليهم بها علماً، وقد قال للمبتدئين منهم بالإذاية، المشتهرين بالنكاية، المستهزئين بكل دليل وآية: {ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ} [ص: ١]. {حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [فصلت: ١ - ٢].

والأندية حافلة بالأعادِ، والنفوس متشوقة إلى عثرة من الحساد، فأذعنوا لفصاحة القول باتفاق، ولم يقولوا: هذا اختلاط، بل قالوا هذا اختلاق، وليس يقدح في علم من علوم الدين جهلُ من جهله من المسلمين، ولو كان هذا مما ينال بالاجتهاد، ويجرى عليه بالظن لقلت لكم فيه: إن الأقرب إلى الصواب قول من قال: إنه إشارة إلى تعجيز العرب على ما يأتي بيانه إن شاء اللُه.

[ذكر دخول الاجتهاد في علوم القرآن بطريقة]

اعلموا -أوصلكم الله إلى درجته وبوأكم مقعد صدق في مرتبته- أن مدارك العلوم تنقسم من وجه إلى ثلاثة أقسام:

مدركة ضرورية (١): كعلوم الحواس، وما ثبت في النفس ابتداءً، كعلم الِإنسان بنفسه وصحته وسقمه، وأن الاثنين أكثر من الواحد، وأن الضدين لا يجتمعان.

ومدركة بالأدلة، والأدلة على قسمين: عقلية وسمعية.


(١) انظر: التمهيد للباقلاني: ٣٥ (ط: القاهرة ١٩٤٧)، والإنصاف: ١٤، الحدود للباجي: ٢٥ - ٢٧.

<<  <   >  >>