للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والدليل: كل ما يوصل إلى اليقين (١)، وبعد ذلك أمارات (٢) تفيد غلبة الظن في النفس لأحد المحتملين على الآخر لا يمكن سواه.

فأما العلم الضروري والبديهي فقد عرفتموه.

وأما العلم النظري (٣) ففيه تاهت الفرق، وجار من جار، وقصد من قصد، ولا يمكن بيانه في التفصيل إلاّ بذكر كل مسألة بما يتعلق به من الدليل.

والأمارات أعظم في الإشكال، وما يفيد الظن أقرب إلى الاختلاف وأدعى إلى الاختلال.

والذي أفتقر إليه الآن: أن تعلموا أن كل ما كان المطلوب منه حصول العلم فلا تسلك إليه إلا جادّة الدليل الموقفة بك عليه، ولا تستعد لسواه فإنك تقع في مهواة لا قعر لها، وتسلك مغواة لا هداية فيها.

وكل ما كان المطلوب فيه الظن، فاطلب له أمارته، ولعلي أستغني عن


(١) انظر تعريف الدليل في: المحصول في علم الأصول لابن العربي: ٢/ أ، رسالة التوحيد: لابن فورك: ٤/ أ، بيان كشف الألفاظ: ٢٦٥، التمهيد للباقلاني: ١٣ - ١٤، والإنصاف له ١٥، الحدود للباجي: ٣٧، والمنهاج له: ١١، الكافية للجويني: ٤٦ - ٤٧، التعريفات: ٥٥، الكليات: ٢/ ٣٢٠، سعد الدين التفتازاني: الحدود: ٣ (مخطوط خاص)، كشاف اصطلاحات الفنون: ٢٩٢ - ٢٩٨) (ط: تراثنا).
(٢) عرف الشريف الجرجاني الأمارة فقال: " ... هي التي يلزم من العلم بها الظن بوجود المدلول، كالغيم بالنسبة إلى المطر، فإنه يلزم من العلم به الظن بوجود المطر ... " التعريفات: ٢٠، وانظر أبو حامد اللامشي: بيان كشف الألفاظ: ٢٦٥ - ٢٦٦.
(٣) عرف الباقلاني العلم النظري في كتابه الإنصاف: ١٤ بقوله: "ما احتيج في حصوله إلى الفكر والروية، وكان طريقه النظر والحجة". وانظر التمهيد: ٨، الباجي: الحدود: ٢٧ - ٢٨، والمنهاج: ١١، الجويني: الكافية: ٣٠.

<<  <   >  >>