للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"وهذه الألفاظ التي يستعملونها، ليس لها عندهم أصل، إذ لا قوة عندهم ولا قدرة، وإنما هي طبيعة غالبة ومعان مرتبة دائرة ضرورة، لا تتعلق بإيثار، ولا تجري على اختيار، فيريدون أن يدمجوا لفظ الطبيعة ويخرجوا لفظ القوة. يثبتوا للجماد قدرة، وينفوا قدرة الفاعل الأول، فَيُخْلِطُوا وَيُخَلِّطُوا، وينظموا هوسهم في سلك الألفاظ العربية والنبوية تيمناً بها واسترسالاً للعامة عليها، ويخترعوا لذلك أخباراً عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا أصل لها، تلوح بإشارات إلى أغراض يوهمون أنها أمور غامضة يقصر الخلق عنها، فيشار إلى الأفراد بها" (١).

[العدل]

يرى أفلاطون أن العدالة حالة التناسب بين قوى النفس الثلاث: العقلية والغضبية والشهوية، وليست العدالة عنده فضيلة خاصة ولكنها حال الصلاح والتناسب الناشىء عن اجتماع الحكمة والشجاعة والعفة، ويسير الغزالي على رأي أفلاطون فيرى أن العدالة حالة للقوى الثلاث العقلية والغضبية والشهوية في انتظامها، بل هي عبارة عن جملة الفضائل (٢)، ويعرفها ابن مسكويه فيقول:

"فأما العدالة فهي فضيلة للنفس تحدث لها من اجتماع هذه الفضائل الثلاث التي عددناها، وذلك عند مسالمة هذه القوى بعضها للبعض، واستسلامها للقوة المميزة حتى لا تتغالب ولا تتحرك لنحو مطلوباتها ... ويحدث للإنسان بها (أي بالعدالة) سمة يختار بها أبداً الِإنصاف من نفسه على نفسه أولاً، ثم الإِنصاف والانتصاف من غيره وله .. " (٣).

وانتقد ابن العربي آراء الفلاسفة في العدل قائلاً:


(١) العواصم من القواصم: ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٢) معارج القدس: ٩٠، ميزان العمل: ٢٧٢.
(٣) تهذيب الأخلاق ١٨، ١٩، ٢٢، ٢٣.

<<  <   >  >>