للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الثاني: التأويل بمعنى الحقيقة الخارجية والأثر الواقعي المحسوس لمدلول الكلمة، وهو الذي تحدث به القرآن في كثير من الآيات، فقد تكررت -كما مر معنا- كلمة "التأويل في القرآن" في أكثر من عشرة مواضع، وكان معناها في جميع استعمالاتها هو الأثر الواقعي لمدلول اللفظ المستعمل سواء كان ذلك في الماضي أو المستقبل. فمن المعلوم أن الكلام ينقسم إلى نوعين: إنشاء وخبر.

فالتأويل استعمل في الإنشاء في تنفيذ الأوامر والنواهي، ومن ذلك قول عائشة رضي الله عنها: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى اللهُ عَلَيْهِ وَسلمَ يُكْثِرُ أنْ يَقولَ في رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ: سُبْحَانَكَ اللهم رَبنا وَبِحَمْدِكَ اللهمَّ اغْفِرْ لِي، يَتَأوَّلُ القُرْآنَ" (١)، تَعْنِىِ قوله تعالى: {فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا} [النصر: ٣] (٢).

ومن هنا قال السلف: إن السنة هي تأويل الأمر والنهي.

وقد استعمل التأويل في الخبر وهو نفس الحقيقة المخبر عنها، وهذا يشمل إخبار الله عن أمور الغيب كالقيامة وأحوالها والبعث، ومن هذا الباب الكلام في الصفات، فهذا النوع لا يعلم حقيقته كيفاً وقدراً إلاّ الله عز وجل (٣).

والآن وبعد أن عرفنا معنى التأويل في اللغة والشريعة، أرى من الواجب


= الله، {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى} الآية صفحة ١٣٨ (ط: دار اللواء بالرياض ١٩٧٧). فأبطل تلك التأويلات التي ذكرها، وهو تفسيرها المراد بها. انظر ابن قيم الجوزية: مختصر الصواعق المرسلة: ١/ ١٦.
(١) رواه البخاري في صفة الصلاة ٢/ ٢٤٧، ومسلم في الصلاة رقم ٤٨٤، وأبو داود في الصلاة رقم ٨٧٧ والنسائي في الافتتاح ٢/ ٢١٩.
(٢) ابن تيمية: مجموع الفتاوى ٣/ ٥٦، ابن الأثير: جامع الأصول: ٤/ ١٩١ - ١٩٢.
(٣) انظر محمد السيد الجليند: ابن تيمية وموقفه من التأويل: ١٣٢، محمود خفاجي: في العقيدة الإسلامية ٧٧.

<<  <   >  >>