للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بهم عاثر الآمال، وأحيا بهم ميت الأماني، فانبعثوا ينشئون عاصمة المغرب الجديدة: مراكش ويمدّون رواق سلطانها على طول العدوة الِإفريقية ببلاد المغرب، ثم يرمون بحبل النجاة إلى العدوة الأندلسية في يوم الزلافة العظيم (١)، لتقوم الشوكة، وتحيا الدولة، تحت إمْرة أمير المسلمين يوسف بن تاشفين (٢)، (ت: ٥٠٠).

وهكذا انكشف ضباب اليأس، ونسج صبح الرجاء ظلمات القنوط، فانطلقت هذه الحركة المباركة تقوِّم المعوج، وترشد الناس إلى سواء السبيل، وتنقذ الإِسلام من الخطر الذي داهمه في بلاد الأندلس، فكانت سلطة قوية عادلة ذات إيمان راسخ، وفهم للدين واضح لا تخالطه شبهة ولا تلابسه غمة.

ومن المعلوم لدى المطلع على التاريخ السياسي للمغرب الِإسلامي أن عدة من الدول التي قامت به نهضت على أساس إصلاح ديني زرع علماء الدين بذوره وتولد في أذهانهم محتواه ومنهجه، ثم سعوا في تحقيق السلطة التي تنفذه وتجعله حياة للناس، والدولة المرابطية التي عاشت فيما بين سنة: ٤٤٨ وسنة: ٥٤١ هي واحدة من الدول التي يصدق عليها ذلك القول (٣).


= انظر: المقري: نفح الطيب: ٤/ ١٩٣ (ط: محيي الدين عبد الحميد) وما زالت قبائل الطوارق في صحراء الجزائر يستعمل رجالها اللثام إلى يومنا هذا.
(١) في معركة الزلافة (والزلافة بطحاء من إقليم بَطَلْيَوْس في غريب الأندلس) انهزم جيش الكفرة الزاحف من طليطلة سنة: ٤٧٩، وللتوسع في معرفة أخبار هذه المعركة العظيمة، انظر: الحميري: الروض المعطار: ٢٨٧، ابن الأثير: الكامل: ١٠/ ١٥١، ابن خلكان: وفيات الأعيان: ٧/ ١١٥، المقري: نفح الطيب: ٤/ ٣٥٤.
(٢) هو السلطان أبو يعقوب اللمتوني البربري الملثم، ويعرف بصاحب المغرب وبأمير المرابطين، انظر ترجمته عند: المراكشي: المعجب: ١٦٢، الذهبي: العبر: ١/ ٣٥٦، وسير أعلام النبلاء: ٢٩/ ٢٥١، القلقشندي: صبح الأعشى: ١/ ٣٦٣، ابن عماد: شذرات الذهب: ٣/ ٤١٢، الناصري: الاستقصاء: ١/ ٢٢٤.
(٣) عبد المجيد النجار: المهدي بن تومرت حياته وآراؤه: ٣٩ (ط: دار المغرب الإِسلامي بيروت: ١٩٨٣).

<<  <   >  >>