للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تتميم؛ لأن قوله: "ما يحيل دخول ما لا يتناهى في الوجود" يعني به أن ذلك إذا كان في زمن محدود متناه، وإلا فدورات الأفلاك عند الفلاسفة لا نهاية لها، ونعيم الجنة عند الموحدين لا نهاية له، وذهب ابن العربي إلى أن الوجود في هذه الأشياء اللامتناهية إنما يحال فيها على أزمنتها المستقبلة، فيكون لكل موجود زمان معين.

ثم خرّج ابن العربي أقوال الجويني على الطريقة التالية:

أما قول الجويني: "يحيل وقوع تقديرات غير متناهية في العلم" فيعني بقوله: "وقوع": وجود، وقوله: "تقديرات" يريد تصوير موجودات، وقوله: "غير متناهية" يعني في زمان متناه، وذلك بما لا يتعلق به علم؛ لأنه لا يتصور له ثبات، وقوله: "فتعلق العلم بها على التفصيل مع نفي النهاية محال" فهذا مبني على أصل في أن التفصيل هو الحصر والانتهاء (١).

وبعد هذا النقد المختصر (٢) لأقوال الجويني لا ينسى ابن العربي أن يذكرنا بالطريقة المثلى التي ينبغي أن تتبع في مثل هذه المشكلات فيقول رحمه الله:

"إن هذه الألفاظ من الجملة والتفصيل والحصر، ألفاظ مولدة ركّبت عليها المبتدعة علومها، وخاض فيها علماؤنا معهم، ولكل واحد فيها اصطلاح تركيب معناه على ما اصطلح عليه فيها، ويختلف الاثنان في الوجه المصطلح عليه فيتباريان ويتعارضان، ونحن إذا تكلمنا على ذلك قلنا: دعونا من العبارات المحدثة الفاسدة، الباري تعالى عالم بعلم، لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم ما كان وما يكون، ولا يقدر شيء إلا


(١) م، ن: ١٤١.
(٢) توسع ابن العربي في نقد هذه الفكرة بكتابه التمحيص، ومع الأسف الشديد فإن هذا الكتاب يعتبر من جملة الكتب الضائعة التي لم أقف لها على خبر في حدود اطلاعي على فهارس مخطوطات المكتبات العالمية.

<<  <   >  >>