... ولا يخفى على العبد "العلم" لأنه قد احتوى، منه على أنموذج يستدل به على ربه، وهذه هي الحكمة في أن جعلت فيه صفات تشترك في الأسماء مع صفات الخالق وأسْمائِهِ لتكون عوناً له في استدلاله عليه، ومعرفته به، والله تبارك وتعالى قد اختص في هذا الاسم بأحكام جماعها عشرة:
الأول: عدم الأولية في علمه، لاستحالة أن يكون مخلوقاً.
الثاني: استحالة العدم عليه.
الثالث: أنه يعلم به جميع المعلومات وعلم العبد محصور بالمعلوم.
الرابع: أنه يعلمه جملة وتفصيلًا وعلم العبد يتعلق بالجملة دون التفصيل.
الخامس: أن علمه يتعلق بالتفريع والتأصيل، وعلم العبد يتعلق بأصل خاصة دون فروعه.
السادس: أن علم الله سابق الموجودات، وعلم العبد مسبوق بالمعلوم.
السابع: أنه لا يتطرق إلى علمه آفة، وعلم العبد معرض لكل آفة.
الثامن: أن علم الرب بالمعلومات في غاية الكشف والِإيضاح، وعلم العبد وإن بلغ غاية فإنه مقصر كأنه من وراء ستر، وقد بين ذلك بقوله:{وَلَا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ}[البقرة: ٢٥٥].
التاسع: أنه لا يشغله شأن عن شأن.
العاشر: أن علم الرب أفاد الموجودات، وعلم العبد مستفاد من الموجودات.