للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"قانون التأويل" وما أقل الكتب التي لقيت تقديراً وعناية وحظوة، كذلك التقدير وتلك العناية والحظوة التي لقيها كتابه عند العلماء، سواء كان ذلك بالتنويه بشأن الكتاب، أو بنقده والرد عليه، أو الاقتباس منه والاعتماد على ما ورد فيه من معلومات.

فابن العربي مع الأخطاء التي يمكن أن نأخذها عليه، خليق بالإِعجاب جدير بالإعظام، لا ينبغي أن تقف هذه الهنات دون تقديره والرفع من شأنه.

أعود إلى موضوعنا فأقول: وقسّم ابن العربي -على عادته في باقي كتبه - علوم القرآن إلى ثلاثة أقسام: توحيد، أحكام، تذكير، ونبه على كل ما يدخل في كل قسم من هذه الأقسام، وأتى بآيات ركب عليها هذا التقسيم كتطبيق لما ذهب إليه (١).

ثم أتى بخلاصة لاستيفاء الغرض من تقسيم العلوم والمعلوم، فعلوم القرآن ثلاثة، والمعلومات أربع: النفس، الرب، العمل النافع والضار، وهنا تخلّص للكلام عن العمل، وأكد أن العلم قبل العمل، وناقش الصوفية والفلاسفة في قولهم بالكشف فأجاد وأفاد رحمه الله (٢). وابن العربي عندما ينتقد الصوفية لم يأب صحة الزهد والتزكية، ولم ينكر مكان الحاجة إليهما في الطريق إلى الله عز وجل، وإنما أنكر أشياء ابتدعوها، وفضول أقوال تكلفوها، ومسائل عويصة تجشموا الفكر فيها، فأصبح صنيعهم هذا أشبه بأن يكون صدّاً عن كتاب الله وعن معرفة معانيه، لذلك نرى ابن العربي يُغْلظ القول في الصوفية والفلاسفة معاً، وينكر القول بالكشف جملة وتفصيلاً، وفي اعتقادي أن ابن العربي لم يبلغ في إنكاره لمذهب الكشف والإشراق ما بلغه، إلاَّ لأن الخطأ فيه عظيم، يفضي بصاحبه إلى أن ينكر النبوة ويبطل الرسالة.

ثم تحدث - رحمه الله - عن آية التوحيد {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا


(١) صفحة: ٥٤٢.
(٢) صفحة: ٥٥٥.

<<  <   >  >>