للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد حضرنا يوماً مجلساً عظيماً فيه الطوائف، وتكلم التستري الحبر اليهودي على دينه فقال: اتفقنا على أن موسى نبي مؤيد بالمعجزات، مُعَلم بالكلمات، فمن ادعى أن غيره نبي فعليه الدليل. وأراد من طريق الجدال أن يرد الدليل في جهتنا حتى يطرد له المرام، وتمتد أطناب الكلام.

فقال له الفهري: إن أردت موسى الذي أُيِّدَ بالمعجزات وعُلِّمَ الكلمات وَبَشرَ بِأحْمَدَ، فقد اتفقنا عليه معكم، وآمنا به وصدقناه، وان أردت به موسى آخر فلا نعلم ما هو.

فاستحسن ذلك الحاضرون وأطنبوا في الثناء عليه، وكانت نكتة جدلية عقلة قوية، فبهت الخصم وانقضى الحكم.

ولم نزل على تلك السجية، حتى اطلعت -بفضل الله- على أغراض العلوم الثلاثة: علم الكلام وأصول الفقه ومسائل الخلاف التي هي عمدة الدين والطريق المَهْيَعُ إلى التَدَرب في معرفة أحكام المكلفين، الحاوية للمسألة والدليل، والجامعة للتفريع والتعليل، وقرأنا "المدونة" بالطريقتين القيروانية في التنظير والتمثيل، والعراقية على ما تقدم من معرفة الدليل.

وفي أثناء ذلك، ورد علينا برسم زيارة الخليل صلوات الله عليه وسلامه وبنية الصلاة في المسجد الأقصى جماعة من علماء خُرَاسَان (١) كالزَوْزَنِي (٢)


(١) بلاد واسعة أول حدودها ما يلي العراق، وآخر حدودها بما يلي الهند، معجم البلدان: ٢/ ٣٥٠.
(٢) لم أتمكن من معرفته والترجمة له.

<<  <   >  >>