للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جسم تعويلاً على ظواهر الشرع فيما أضاف إليها من الأفعال، وأخبر عنها من الأحوال، وخاصة في العروج والانتقال والأكل في الجنان، وذلك من خصائص الأجسام (١).

وأشار جماعة إلى أن الروح تفارق البدن، وهي عرض فتقوم بجزء من الجسم تضاف إليه هذه الأوصاف كلُّها التي تستحيل على الأعراض، ولعل النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أشار إلى هذا المعنى بقوله في الحديث الصحيح: "كُل ابْنِ آدَمَ يَفْنَى تَأكُلُهُ الأرْض إلا عَجْبُ الذَنَب مِنْهُ خُلِقَ وَفِيهِ يُرَكبُ" (٢) فتعارضت هذه الأعراض المشار إليها، فتوقف قوم عنها، والذي يتحصل من ذلك كله أمران:

أحدهما: أن الروح بالدليل القاطع العقلي مخلوق من غير إشكال، يكفر جاحد ذلك.

الثاني: أن الروح بالدليل القاطع الشرعي باقيةٌ لا فناء لها، والنظرُ


(١) قال الجويني ما نصه: "الأظهر عندنا أن الروح أجسام لطيفة مشابكة للأجسام المحسوسة، أجرى الله تعالى العادة باستمرار حياة الأجسام ما استمرت مشابكتها لها، فإذا فارقتها يعقب الموت الحياة في استمرار العادة. ثم الروح من المؤمن يعرج به ويرفع في حواصل طيور خضر إلى الجنة، ويهبط به إلى سحيق من الكفرة (هكذا بالأصل وهو تحريف) كما وردت به الآثار، والحياة عرض تحيا به الجواهر، والروح يحيى بالحياة أيضاً وإن قامت به الحياة، فهذا قولنا في الروح" الإرشاد: ٣٧٧.
قال ابن العربي في قانون القاهرة: ٦٠/ ب "ألف الجويني ثلاثة مجلدات في الكلام على حقيقته ولم يصف (كذا) فيه شيئاً غير أنه حكى أقوال الناس وجميع الفرق".
قلت: وإلى هذا التأليف أشار الجويني في العقيدة النظامية: ٥٩، حيث قال: "ولو ذهبتُ أتكلم في الروح لطال المرام، وقد جمعت كتاباً سميته "كتاب النفس" وهو يشمل قريب من ألف ورقة".
(٢) أخرجه البخاري في التفسير: ٨/ ٤٢٤، ومسلم في الفتن رقم: ٢٩٥٥، ومالك في الموطأ كتاب الجنائز: ١/ ٢٣٩، وأبو داود في سننه رقم: ٤٧٤٣، والنسائي في الجنائز: ٤/ ١١١، كلّهم عن أبي هريرة بلفظ: كُل ابْنِ آدَمَ تَأكُلُهُ الارْض" ولم ترد كلمة "يفنى" فالله أعلم بها.

<<  <   >  >>