للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكلمات، وهو أيضاً متشعب إلى معرفة مخارجه وفوائده، وروابطه ومتعلقاته، ولم يكن أحد أعلم به من "سيبويه"، وأبرزه من مخبآت إشارات "سيبويه" "الفارسي" و"ابن جِنِّي" (١)، وذلك أن الباري تعالى خلق الكلام في النفس لزيم، العلم وقرينه كما بيناه (٢)، فيجد المرء نفسه عالماً مخبراً عن علمه، كل ذلك في نفسه، ثم افتقر إلى إعلام الغير بما هو به عالم، لأجل ضرورات الاصطحاب والاجتماع والتعاون على الانتفاع، فجعل اللسان دليلًا على الفؤاد، وخلقه رطباً ذلقاً ليقطع بعده الأصوات المخلوقة لأداء المعاني المفهومة، وجعلت الأسنان له سنداً، والشفتين قادة ليعتمد في التقطيع عليها فيكون ذلك أثبت في التقطيع، وأبين عند الجمع وموالاة تَرْدَادِ القطع والاتصال بين الحركات، وخلق من الحروف ما لا يفتقر إلى اللسان وما معه، وهي التي تُسَمى حروف الحلق، ولاستبدادها جعل لها قوة القلب فيما يخرج من الأسنان والشفتين، فيقولها اللسان مفردة، ويقولها إذا شاء مجموعة، فيقول "ألف" "لام" "هاء" ثم يقول: "الله" فيكون ذلك مطابقاً للمعنى القائم بالنفس الملائم للعلم، فيعبر عنه في كتاب الله قراءة، ويعبر عن غيره بأسمائه، كالإنشاد في الشعر، ويعم هذا اللفظ لكتاب الله وغيره (٣).


(١) هو أبو الفتح عثمان بن جِنِّي أديب نحوي من أصحاب أبي علي الفارسي له عدة مؤلفات (ت / ٣٩٢) فهرست ابن النديم: ١٢٨؛ إنباه الرواة للقفطي ٢/ ٣٣٥، معجم الأدباء: ١٢/ ٨١.
(٢) في الأمد الأقصى: ٨٧/ أ- ٨٨/ ب.
(٣) انظر الأحكام: ١٩٥٦ - ١٩٥٧.

<<  <   >  >>