الثالث: الاقتناع بقول من مضى دون أن تتحرى في النظر، وتكون ممن حكم بعلمه وقضى.
الرابع: الالتباس بالمعاصي، وما أعظمها من حجاب.
تتميم:
ومن علم الباطن عندهم معرفة الله وصفاته، والدار الآخرة، ومنه معرفة الأدلة في الرد على جميع المخالفين للملة من القرآن والسنة وقواعد العقائد واستنباط أحكام أفعال المكلفين الخمسة، ومناط متعلقها في أدلتها وهي "أصول الفقه"(١).
فإن أراد هؤلاء بحسبان هذه من الباطن أنها تفتقر إلى نظر وتأمل وتأويل، وبخلاف دلالات الألفاظ على المعاني اللغوية، فإنه معنى يقف عليه المرء من غير تأمل، وبخلاف معرفة النصوص من الأدلة الشرعية، والبداية من الأدلة العقلية.
أو أرادوا بأنه باطن أنه لا يوصل إليه إلاّ بعد معرفة غيره، فهو باطن بالإضافة إليه، فهذا كلّه ممكن صحيح القصد لا مشاحة فيه، بيد أنه قد صار اليوم معرفة النحو واللغة عندنا باطن، لأنه يفتقر إلى تعلم، حتى قد صنف في غريب القرآن ونحوه كتب كثيرة استغرقت العمر، وأتعبت النفس فصارت باطناً، وقد كان عند الصحابة ظاهراً يقيناً.
ولما قال المتقدمون من السلف: لكل حرف ظاهر وباطن، وحد
(١) قال المؤلف في المحصول: ٢/ أ: "وأفعال المكلفين هي حركاتهم التي تتعلق بها التكاليف من الأوامر والنواهي وهي على خمسة أضرب: واجب وفي مقابلته محظور، ومندوب وفي مقابلته مكروه، وواسطة بينهما وهو المباح".