للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وافتقرت أن تخبر عن باطن نيتك بخلاف ما هي عليه مقت ومقت نفسك كما تقدم في الحديث آنفاً.

فاحفظ لسانك عن الكذب (١): واعلم أنه المعبر عنك، المعبر لك عن طريق العلم، ورأس العمل، وفيه خصلة واحدة وهي الصدق وفيه نحو من عشرين آفة (٢) أمهاتها أربع وهي:

الكذب، والغِيبَةُ، والمراء، والمزاح، وبكفِّك عن هذه الأربعة يهون عليك الكف عن باقيها.

أما الكذب فحرام إلا في ثلاث:

الإصلاح بين الناس (٣)، والحرب، ووعد الرجل أهله.

لكن جواز الكذب في هذه المواطن الثلاثة إنما يكون بالمعاريض، لا بالتصريح، إلاَّ أن لا يفهم مفاوضك فيه بالتعريض فتصرح بالكذب باللسان


= القلب، وصدق في القول، وصدق في الفعل. فأما صدق القلب فهو بالنية الخالصة، وأما الصدق في اللسان فهو ألا يكون خبره بخلاف عمله في الماضي، وأما في المستقبل فيدخل في قسم الوفاء بالموعد ... وأما الصدق في الأعمال فهو أن يكون وفق الاعتقاد والقول". وانظر التعريفات للجرجاني: ٦٩.
(١) قال المؤلف في السراج: ٢٢٦/ أ: "الكذب هو الإخبار عن الشيء على خلاف ما هو به" وللتوسع انظر: الأمد الأقصى: ٨٩/ أ، والقبس: ٣٦٥، (مخطوط الخزانة العامة: ٢٥ جـ) والتعريفات للجرجاني: ٩٧.
(٢) انظر هذه الآفات في إحياء علوم الدين للغزالي: ٣/ ١٠٤.
(٣) قال المؤلف في السراج: ١٧٨/ ب: " .. فأما الإصلاح بين الناس، فلما يرجى من إطفاء الثائرة بين الرجلين، ولكن بالمعاريض، مثل أن يقول له: رأيته يدعو لك، إنْ جرى في كلمته دعاء له، وإن لم يسمعه، فإن صلى معه فقد دعا للمسلمين في صلاته، فيقول له: قد دعا لك، وينوي بقلبه ما كان من دعائه في صلاته للمسلمين الذي هو أحدهم، أو إذا سمعه يذكره بكلمة حسنة قالها، ويجتنب التصريح بالكذب، وإن لم يقصد بقلبه، وهي مسألة عظيمة من الفقه بيناها في كتب الخلاف في طلاق المكره، وصنف فيها علماء اللغة كتباً".

<<  <   >  >>