للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجموده، وأن مزايا الوضع المشرقي هي حركته. ونماؤه، ورزيته في فتنته وجحوده (١).

وبهذه الروح الوثابة، والمثل القيمة المقتبسة من تلك المعاني، حدد فقيهنا -رحمة الله عليه- مناهج التعلّم وطرائق التحصيل. فكانت همته سبّاقة إلى الجمع والاستكثار، والاستذكار والرواية والضبط والتصحيح، فنراه في رحلته دؤوباً على الدراسة والسماع، لاَ يَشْغَلُهُ عنهما شاغل، يلتقط الدرر من العلماء والفقهاء على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم.

وقد أفاض فقيهنا -رحمة الله عليه- في ذكر رحلته ومن لقيه من الشيوخ بمقدمة كتابه "قانون التأويل" الذي نحن بصدد تحقيقه والتعليق عليه، كما قام أستاذنا الدكتور عمّار طالبي الجزائري بدراسة (٢) نقدية وافية لرحلته في طلب العلم منذ خروجه من إشبيلية إلى عودته إليها بتفصيل دقيق نسأل الله أن يجازيه خير الجزاء، وعليه فإنني سأقتصر في هذا المبحث على ذكر رحلته إلى الحجاز، هذا الجانب الذي أغفله المؤلف في "القانون" وأجمله أستاذنا د. عمّار في دراسته القيمة، والذي أدّى ببعض الباحثين المُحْدَثِينَ إلى التشكيك في السنة التي حج فيها ابن العربي (٣)، بل وأدى بالبعض الآخر إلى إنكار أن يكون ابن العربي قد أدّى فريضة الحج (٤).

والواقع أن الحج كان من مقاصد ابن العربي فقد قال في "القانون": رحلت طالب علم وحج.

فكانت رحلته رحمه الله إلى الحجاز في أواخر ذي القعدة من سنة تسع


(١) محمد الفاضل بن عاشور: ومضات فكر: ١٤١.
(٢) د. عمار طالبي: آراء أبي بكر بن العربي الكلامية: ١/ ٢٥ - ٦٥.
(٣) وهو: د. إحسان عباس في بحثه رحلة ابن العربي إلى المشرق كما صورها "قانون التأويل" بمجلة "أبحاث" البيروتية، السنة: (٢١) الجزء: (١) آذار سنة: ١٩٦٨، الصفحة: ١٣١.
(٤) وهو: د. حسين مؤنس في بحثه الجغرافية والجغرافيون في الأندلس" بمجلة معهد الدراسات الإسلامية بمدريد إسبانيا، المجلدان: (١١ - ١٢) السنة ٦٣ - ١٩٦٤، الصفحة ٦٧.

<<  <   >  >>