للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ زَادَ فِي صَفْقَتَيْنِ جَازَ.

وَيُشْتَرَطُ التَّقَابُضُ بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ كَيْلًا، وَالتَّخْلِيَةُ فِي النَّخْلِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ فِي سَائِرِ الثِّمَارِ، وَأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ.

ــ

[مغني المحتاج]

تَبَيَّنَ بُطْلَانُ الْعَقْدِ (وَلَوْ زَادَ) عَلَى مَا دُونَهَا (فِي صَفْقَتَيْنِ) كُلٌّ مِنْهُمَا دُونَهَا (جَازَ) قِيَاسًا عَلَى الصَّفْقَةِ الْأُولَى، وَتَتَعَدَّدُ الصَّفْقَةُ بِتَعَدُّدِ الْعَقْدِ وَالْمُشْتَرِي قَطْعًا وَبِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَإِنَّمَا نَظَرُوا هُنَا إلَى جَانِبِ الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ حَيْثُ قَطَعُوا فِيهِ بِالتَّعَدُّدِ دُونَ جَانِبِ الْبَائِعِ عَكْسَ مَا قَالُوهُ فِي الرَّدِّ بِالْعَيْبِ؛ لِأَنَّ الرُّطَبَ هُوَ الْمَقْصُودُ وَالتَّمْرُ تَابِعٌ، فَلَوْ بَاعَ رَجُلَانِ مَثَلًا لِرَجُلَيْنِ صَفْقَةً جَازَ فِيمَا دُونَ عِشْرِينَ لَا فِيمَا فَوْقَهُ، وَفِي الرَّوْضَةِ فِيمَا دُونَ عَشَرَةٍ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَغَيْرُهُ: وَهُوَ سَبْقُ قَلَمٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا فَرَّعَهُ عَلَى وَجْهٍ ضَعِيفٍ، وَهُوَ أَنَّ الصَّفْقَةَ لَا تَتَعَدَّدُ بِتَعَدُّدِ الْبَائِعِ.

(وَيُشْتَرَطُ) فِي صِحَّةِ بَيْعِ الْعَرَايَا (التَّقَابُضُ) فِي الْمَجْلِسِ (بِتَسْلِيمِ التَّمْرِ) أَوْ الزَّبِيبِ إلَى الْبَائِعِ (كَيْلًا وَالتَّخْلِيَةُ فِي) رُطَبِ (النَّخْلِ) أَوْ عِنَبِ الْكَرْمِ؛ لِأَنَّهُ مَطْعُومٌ بِمَطْعُومٍ.

تَنْبِيهٌ لَوْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ: بِتَسْلِيمِ الْجَافِّ كَيْلًا وَالتَّخْلِيَةُ فِي الرُّطَبِ وَالْعِنَبِ كَانَ أَوْلَى كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا قَدَّرْتُهُ (وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ) بَيْعُ مِثْلِ الْعَرَايَا (فِي سَائِرِ الثِّمَارِ) أَيْ بَاقِيهَا كَالْخَوْخِ وَالْمِشْمِشِ وَاللَّوْزِ مِمَّا يُدَّخَرُ يَابِسُهُ؛ لِأَنَّهَا مُتَفَرِّقَةٌ مَسْتُورَةٌ بِالْأَوْرَاقِ فَلَا يَتَأَتَّى الْخَرْصُ فِيهَا. وَالثَّانِي: يَجُوزُ كَمَا جَازَ فِي الْعِنَبِ بِالْقِيَاسِ (وَ) الْأَظْهَرُ (أَنَّهُ) أَيْ بَيْعَ الْعَرَايَا (لَا يَخْتَصُّ بِالْفُقَرَاءِ) بَلْ يَجْرِي فِي الْأَغْنِيَاءِ لِإِطْلَاقِ الْأَخْبَارِ فِيهِ. وَالثَّانِي: يَخْتَصُّ بِهِمْ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ «أَنَّ رِجَالًا مُحْتَاجِينَ مِنْ الْأَنْصَارِ شَكَوْا إلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الرُّطَبَ يَأْتِي وَلَا نَقْدَ بِأَيْدِيهِمْ يَبْتَاعُونَ بِهِ رُطَبًا يَأْكُلُونَهُ مَعَ النَّاسِ وَعِنْدَهُمْ فَضْلُ قُوتِهِمْ مِنْ التَّمْرِ، فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَبْتَاعُوا الْعَرَايَا بِخَرْصِهَا مِنْ التَّمْرِ»

وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِضَعْفِ الْحَدِيثِ، وَبِتَقْدِيرِ صِحَّتِهِ فَهَذِهِ حِكْمَةُ الْمَشْرُوعِيَّةِ، ثُمَّ قَدْ يَعُمُّ الْحُكْمُ كَمَا فِي الرَّمَلِ وَالِاضْطِبَاعِ فِي الطَّوَافِ.

تَنْبِيهٌ: مَحَلُّ الْخِلَافِ فِي اعْتِبَارِ حَاجَةِ الْمُشْتَرِي. أَمَّا حَاجَةُ الْبَائِعِ فَلَا تُعْتَبَرُ قَطْعًا. وَقَالَ مَالِكٌ: تُعْتَبَرُ حَاجَةُ الْبَائِعِ.

خَاتِمَةٌ: قَالَ الْجُرْجَانِيِّ وَالْمُتَوَلِّي: ضَابِطُ الْغَنِيِّ فِي هَذَا الْبَابِ مَنْ عِنْدَهُ نَقْدٌ، فَمَنْ لَا نَقْدَ عِنْدَهُ فَقِيرٌ وَإِنْ مَلَكَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً، وَلَوْ اشْتَرَى الْعَرِيَّةَ مَنْ يَجُوزُ لَهُ شِرَاؤُهَا ثُمَّ تَرَكَهَا حَتَّى صَارَتْ تَمْرًا جَازَ. وَقَالَ أَحْمَدُ: يَبْطُلُ الْعَقْدُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ صِحَّةِ الْعَقْدِ عِنْدَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا كُلَّهَا أَهْلُهَا رُطَبًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>