فَيُتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ بَيْنَ فَسْخِهِ، وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ.
وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ.
وَكَوْنُهُ مَعْلُومَ الْقَدْرِ كَيْلًا أَوْ وَزْنًا أَوْ عَدًّا أَوْ ذَرْعًا، وَيَصِحُّ الْمَكِيلُ وَزْنًا وَعَكْسُهُ.
ــ
[مغني المحتاج]
يَنْفَسِخُ كَمَا لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ.
وَأَجَابَ الْأَوَّلُ بِمَا تَقَدَّمَ، وَالْمُرَادُ بِانْقِطَاعِهِ أَنْ لَا يُوجَدَ أَصْلًا أَوْ يُوجَدَ بِبَلَدٍ بَعِيدٍ وَهُوَ مَسَافَةُ الْقَصْرِ أَوْ بِبَلَدٍ آخَرَ، وَلَوْ نُقِلَ لَفَسَدَ أَوْ لَمْ يُوجَدْ إلَّا عِنْدَ قَوْمٍ لَا يَبِيعُونَهُ أَوْ يَبِيعُونَ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا غَلَا سِعْرُهُ فَإِنَّهُ يُحَصِّلهُ، وَهَذَا هُوَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ فِي الرَّوْضَةِ بِقَوْلِهِ: وَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ، وَإِنْ غَلَا سِعْرُهُ، لَا أَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ يُبَاعُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِ مِثْلِهِ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ جَعَلَ الْمَوْجُودَ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهِ كَالْمَعْدُومِ كَمَا فِي الرَّقَبَةِ وَمَاءِ الطَّهَارَةِ وَأَيْضًا الْغَاصِبُ لَا يُكَلَّفُ ذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَ الْغَصْبِ، وَهَذَا بِمَا لَا يُجْدِي، وَيَجْرِي الْخِلَافُ فِيمَا إذَا قَصَّرَ الْمُسْلَمُ إلَيْهِ فِي الدَّفْعِ حَتَّى انْقَطَعَ أَوْ حَلَّ الْأَجَلُ بِمَوْتِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ قَبْلَ وُجُودِ الْمُسْلَمِ فِيهِ أَوْ تَأَخُّرِ التَّسْلِيمِ لِغَيْبَةِ أَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ ثُمَّ حَضَرَ بَعْدَ انْقِطَاعِهِ وَعَلَى الْأَوَّلِ (فَيَتَخَيَّرُ الْمُسْلِمُ بَيْنَ فَسْخِهِ وَالصَّبْرِ حَتَّى يُوجَدَ) فَيُطَالَبُ بِهِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ.
تَنْبِيهٌ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ إطْلَاقِهِ الْخِيَارَ أَنَّهُ عَلَى الْفَوْرِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ عَلَى التَّرَاخِي فَإِنْ أَجَازَ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يَفْسَخَ مُكِّنَ مِنْهُ وَلَوْ أَسْقَطَ حَقَّهُ مِنْ الْفَسْخِ لَمْ يَسْقُطْ.
(وَلَوْ عَلِمَ قَبْلَ الْمَحِلِّ) بِكَسْرِ الْحَاءِ (انْقِطَاعَهُ عِنْدَهُ فَلَا خِيَارَ قَبْلَهُ فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُ وُجُوبِ التَّسْلِيمِ. وَالثَّانِي نَعَمْ لِتَحَقُّقِ الْعَجْزِ فِي الْحَالِ.
تَنْبِيهٌ: قَصَرَ الْمُصَنِّفُ الْخِلَافَ عَلَى الْخِيَارِ وَهُوَ جَارٍ فِي الِانْفِسَاخِ أَيْضًا، فَلَوْ قَالَ كَالرَّوْضَةِ لَمْ يُتَنَجَّزْ حُكْمُ الِانْقِطَاعِ فِي الْأَصَحِّ لَكَانَ أَحْسَنَ.
(وَ) يُشْتَرَطُ (كَوْنُهُ) أَيْ الْمُسْلَمِ فِيهِ (مَعْلُومَ الْقَدْرِ كَيْلًا) فِيمَا يُكَالُ (أَوْ وَزْنًا) فِيمَا يُوزَنُ لِلْحَدِيثِ الْمَارِّ أَوَّلَ الْبَابِ (أَوْ عَدًّا) فِيمَا يُعَدُّ (أَوْ ذَرْعًا) فِيمَا يُذْرَعُ قِيَاسًا عَلَى مَا قَبْلَهُمَا. فَإِنْ قِيلَ لِمَ خَصَّ فِي الْحَدِيثِ الْكَيْلَ وَالْوَزْنَ؟ .
أُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ لِغَلَبَتِهِمَا وَلِلتَّنْبِيهِ عَلَى غَيْرِهِمَا (وَيَصِحُّ الْمَكِيلُ) أَيْ سَلَمُهُ (وَزْنًا وَعَكْسُهُ) أَيْ الْمَوْزُونِ الَّذِي يَتَأَتَّى كَيْلُهُ كَيْلًا، وَحَمَلَ الْإِمَامُ إطْلَاقَ الْأَصْحَابِ جَوَازَ كَيْلِ الْمَوْزُونِ عَلَى مَا يُعَدُّ الْكَيْلُ فِي مِثْلِهِ ضَابِطًا فِيهِ بِخِلَافِ نَحْوِ فُتَاتِ الْمِسْكِ وَالْعَنْبَرِ؛ لِأَنَّ لِلْقَدْرِ الْيَسِيرِ مِنْهُ مَالِيَّةً كَثِيرَةً، وَالْكَيْلُ لَا يُعَدُّ ضَابِطًا فِيهِ، نَقَلَهُ عَنْ الرَّافِعِيِّ وَسَكَتَ عَلَيْهِ، ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهُ يَجُوزُ السَّلَمُ فِي اللَّآلِئِ الصِّغَارِ إذَا عَمَّ وُجُودُهَا كَيْلًا وَوَزْنًا. قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: هَذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute